الإجماع .
وإذا لم يكن القرآن إلا واحدا تعين أن يكون هو الكل ضرورة الإجماع على تسميته قرآنا .
قلنا أجمعت الأمة على أن الله تعالى لم ينزل إلا قرآنا واحدا لمعنى أنه لم ينزل غير هذا القرآن أو بمعنى أن المجموع قرآن وبعضه ليس بقرآن .
الأول مسلم والثاني ممنوع .
فإن قيل ما ذكرتموه من الدليل على كون بعض القرآن قرآنا معارض بما يدل على أنه ليس بقرآن وهو صحة قول القائل عن السورة والآية هذا بعض القرآن .
قلنا المراد به إنما هو بعض الجملة المسماة بالقرآن وليس في ذلك ما يدل على أن البعض ليس بقرآن حقيقة .
فإن جزء الشيء إذا شارك كله في معناه كان مشاركا له في اسمه ولهذا يقال إن بعض اللحم لحم وبعض العظم عظم وبعض الماء ماء لاشتراك الكل والبعض في المعنى المسمى بذلك الاسم وإنما يمتنع ذلك فيما كان البعض فيه غير مشارك للكل في المعنى المسمى بذلك الاسم .
ولهذا لا يقال بعض العشرة عشرة وبعض المائة مائة وبعض الرغيف رغيف وبعض الدار دار إلى غير ذلك .
وعند ذلك فما لم يبينوا كون ما نحن فيه .
من القسم الثاني دون الأول فهو غير لازم .
وإن سلمنا التعارض من كل وجه فليس القول بالنفي أولى من القول بالإثبات .
وعلى المستدل الترجيح .
وإن سلمنا دلالة النصوص على كون القرآن بجملته عربيا لكن بجهة الحقيقة أو المجاز الأول ممنوع والثاني مسلم وذلك لأن ما الغالب منه العربية يسمى عربيا وإن كان فيه ما ليس بعربي كما يسمى الزنجي أسود وإن كان بعضه اليسير مبيضا كأسنانه وشحمة عينيه والرومي أبيض وإن كان البعض اليسير منه أسود كالناظر من عينيه .
وكذل البيت من الشعر بالفارسية يسمى فارسيا وإن كان مشتملا على كلمات يسيرة من العربية