وإنما الخلاف نفيا وإثباتا في الوقوع .
والحجاج هاهنا مفروض فيما استعمله الشارع من أسماء أهل اللغة كلفظ الصوم والصلاة هل خرج به عن وضعهم أم لا .
فمنع القاضي أبو بكر من ذلك وأثبته المعتزلة والخوارج والفقهاء احتج القاضي بمسلكين الأول أن الشارع لو فعل ذلك لزمه تعريف الأمة بالتوقيف نقل تلك الأسامي وإلا كان مكلفا لهم بفهم مراده من تلك الأسماء وهم لا يفهمونه وهو تكليف بما لا يطاق والتوقيف الوارد في مثل هذه الأمور لا بد وأن يكون متواترا لعدم قيام الحجة بالآحاد فيها ولا تواتر .
وهذه الحجة غير مرضية أما أولا فلأنها مبنية على امتناع التكليف بما لا يطاق وهو فاسد على ما عرف من أصول أصحابنا القائلين بخلافه .
في هذه المسألة وإن كان ذلك ممتنعا عند المعتزلة .
وبتقدير امتناع التكليف بما لا يطاق إنما يكون هذا تكليفا بما لا يطاق إذ لو كلفهم بفهمها قبل تفهيمهم .
وليس كذلك .
قوله التفهيم إنما يكون بالنقل .
لا نسلم .
وما المانع أن يكون تفهيمهم بالتكرير والقرائن المتضافرة مرة بعد مرة كما يفعل الوالدان بالولد الصغير والأخرس في تعريفه لما في ضميره لغيره بالإشارة .
المسلك الثاني أن هذه الألفاظ قد اشتمل عليها القرآن .
فلو كانت مفيدة لغير مدلولاتها في اللغة لما كانت من لسان أهل اللغة كما لو قال أكرم العلماء وأراد به الجهال أو الفقراء وذلك لأن كون اللفظ عربيا ليس لذاته وصورته بل لدلالته على ما وضعه أهل اللغة بإزائه وإلا كانت جميع