دليله وأما مع عدم الدليل فلا .
ولهذا فإنه لو لم يظفر المفتي في الواقعة بدليل ولا خبر الواحد فإنه لا يمتنع خلو الواقعة عن الحكم الشرعي والمصير إلى البراءة الأصلية .
وعلى هذا فامتناع خلو الواقعة عن الحكم الشرعي عند الظفر بخبر الواحد يتوقف على كون خبر الواحد حجة ودليلا وكونه حجة يتوقف على امتناع خلو الواقعة مع وجوده عن الحكم وهو دور ممتنع .
كيف وإنا لا نسلم خلو الواقعة عن الحكم الشرعي فإن حكم الله تعالى في حق المكلف عند عدم الأدلة .
المقتضية لإثبات الحكم الشرعي نفي ذلك الحكم ومدركه شرعي فإن انتفاء مدارك الشرع بعد ورود الشرع مدرك شرعي لنفي الحكم .
الحجة الرابعة أنه لو لم يكن خبر الواحد واجب القبول لتعذر تحقيق بعثة الرسول إلى كل أهل عصره وذلك ممتنع .
وبيان ذلك أنه لا طريق إلى تعريف أهل عصره إلا بالمشافهة أو الرسل ولا سبيل له إلى المشافهة للكل لتعذره .
والرسالة منحصرة في عدد التواتر والآحاد .
والتواتر إلى كل أحد متعذر .
فلو لم يكن خبر الواحد مقبولا لما تحقق معنى التبليغ والرسالة إلى جميع الخلق فيما أرسل به وهو محال مخالف لقوله تعالى { لتبين للناس ما نزل إليهم }