أسرع من حصول العلم بخبر أهل المسكنة والذلة لترفع هؤلاء عن رذيلة الكذب لشرفهم وقلة مبالاة هؤلاء به لخستهم .
وبالجملة لا يمتنع أن يكون شيء من هذه الشروط إذا تحقق كان حصول العلم بخبر التواتر معه أسرع من غيره .
أما أن يكون ذلك شرطا ينتفي العلم بخبر التواتر عند انتفائه فلا .
المسألة الخامسة ذهب القاضي أبو بكر وأبو الحسين البصري إلى .
أن كل عدد وقع العلم بخبره في واقعة لشخص لا بد وأن يكون مفيدا للعلم بغير تلك الواقعة لغير ذلك الشخص إذا سمعه وهذا إنما يصح على إطلاقه إذا كان العلم قد حصل من نفس خبر ذلك العدد مجردا عما احتف به من القرائن العائدة إلى أخبار المخبرين وأحوالهم واستواء السامعين في قوة السماع للخبر والفهم لمدلوله مع فرض التساوي في القرائن مع أن القرائن قد تفيد آحادها الظن وبتضافرها واجتماعها العلم كما سنبينه .
فلا يمتنع أن يحصل العلم بمثل ذلك العدد في بعض الوقائع للمستمع دون البعض لما اختص به من القرائن التي لا وجود لها في غيره وبتقدير اتحاد الواقعة وقرانها لا يلزم من حصول العلم بذلك العدد لبعض الأشخاص حصوله لشخص آخر لتفاوتهما في قوة الإدراك والفهم للقرائن إذ التفاوت فيما بين الناس في ذلك ظاهر جدا حتى أن منهم من له قوة فهم أدق المعاني وأغمضها في أدنى دقيقة من غير كد ولا تعب ومنهم من انتهى في البلادة إلى حد لا قدرة له على فهم أظهر ما يكون من المعاني مع الجد والاجتهاد في ذلك ومنهم من حاله متوسطة بين الدرجتين .
وهذا أمر واضح لا مراء فيه ومع التفاوت في هذه الأمور يظهر أن ما ذكره القاضي وأبو الحسين البصري مما لا سبيل إلى تصحيحه على إطلاقه