الأول أن الإجماع حجة فلو افتقر في جعله حجة إلى دليل لكان ذلك الدليل هو الحجة في إثبات الحكم المجمع عليه ولم يكن في إثبات كون الإجماع حجة فائدة وهو باطل من ثلاثة أوجه .
الأول أنه أمكن أن يقال فائدة كون الإجماع حجة جواز الأخذ به وإسقاط البحث عن ذلك الدليل وحرمة المخالفة الجائزة قبل الاتفاق .
الثاني أن ما ذكروه يوجب عدم انعقاد الإجماع عن الدليل ولم يقولوا به .
الثالث أنه ينتقض بقول الرسول فإنه حجة بالاتفاق مع أنه لا يقول ما يقوله إلا عن دليل وهو ما يوحى به إليه على ما نطق به النص .
المسلك الثاني استدلالهم بالواقع وهو أنهم قالوا قد انعقد الإجماع من غير دليل كإجماعهم على أجرة الحمام وناصب الحباب على الطريق وأجرة الحلاق وأخذ الخراج ونحوه .
ولقائل أن يقول لا نسلم وقوع شيء من الإجماعات إلا عن دليل غايته أنه لم ينقل الاكتفاء بالإجماع عنه وإذا عرف ضعف المأخذ من الجانبين فالواجب أن يقال إنهم إن أجمعوا عن غير دليل فلا يكون إجماعهم إلا حقا ضرورة استحالة الخطإ عليهم .
وأما أن يقال إنه لا يتصور إجماعهم إلا عن دليل أو يتصور فذلك مما قد ظهر ضعف المأخذ فيه من الجانبين .
المسألة الثامنة عشرة القائلون بأنه لا ينعقد الإجماع .
إلا عن مستند اختلفوا في جواز انعقاده عن الاجتهاد والقياس .
فجوزه الأكثرون لكن اختلفوا في الوقوع نفيا وإثباتا .
والقائلون بثبوته اختلفوا فمنهم من قال إن الإجماع مع ذلك يكون حجة تحرم مخالفته وهم الأكثرون