كيف وقد بينا أن مذهب الشافعي والقاضي أبي بكر أن المشترك نوع من أنواع العموم والعام غير ممتنع في كلام الله تعالى وبتقدير عدم عمومه فلا يمتنع أن يكون في الخطاب به فائدة لنيل الثواب بالاستعداد لامتثاله بتقدير بيانه بظهور دليل يدل على تعيين البعض وإبطال جميع الأقسام سوى الواحد منها .
المسألة الثانية قد ظن في أشياء أنها مشتركة .
وهي متواطئة وفي أشياء أنها متواطئة وهي مشتركة .
أما الأول فكقولنا مبدأ للنقطة .
والآن فإنه لما اختلف الموضوع المنسوب إليه وهو الزمان والخط ظن الاشتراك في اسم المبدإ وليس كذلك فإن إطلاق اسم المبدإ عليهما إنما كان بالنظر إلى أن كل واحد منهما أول لشيء لا من حيث هو أول للزمان أو الخط .
وهو من هذا الوجه متواطىء وليس بمشترك .
وأما الثاني فكقولنا خمري للون الشبيه بلون الخمر وللعنب باعتبار أنه يؤول إلى الخمر وللدواء إذا كان يسكر كالخمر أو أن الخمر جزء منه فإنه لما اتحد المنسوب إليه وهو الخمر ظن أنه متواطىء وليس كذلك فإن اسم الخمري وإن اتحد المنسوب إليه إنما كان بسبب النسب المختلفة إليه ومع الاختلاف فلا تواطؤ .
نعم لو أطلق اسم الخمري في هذه الصور باعتبار ما وقع به الاشتراك من عموم النسبة وقطع النظر عن خصوصياتها كان متواطئا