خياطة هذا الثوب وحرمت عليك السكن في هذا الدار فإن فعلت هذا أثبتك وإن فعلت هذا عاقبتك فإنه إذا سكن الدار وخاط الثوب فإنه يصح أن يقال فعل الواجب والمحرم ويحسن من السيد ثوابه له على الطاعة وعقابه له على المعصية إجماعا .
وعند ذلك فكل ما أوردوه من التقسيم فهو بعينه وارد هاهنا .
وذلك أن يقال متعلق الوجوب إن كان هو متعلق الحرمة فهو تكليف بما لا يطاق وليس كذلك فيما فرض من الصورة وإن تغايرا فهما في الصورة المفروضة متلازمان وإن جاز انفكاكهما حسبما قيل في الصلاة في الدار المغصوبة .
فالواجب متوقف على المحرم فيلزم أن يكون واجبا لا محرما لما قيل .
وقد قيل بالجمع بين الواجب والمحرم فيها فما هو الجواب في هذه الصورة هو الجواب في صورة محل النزاع .
على هذا فقد اندفع الإشكال الثاني أيضا من حيث إن شغل الحيز داخل في مفهوم الحركات المخصوصة الداخلة في مفهوم الخياطة .
وشغل الحيز بالسكن محرم على ما قيل في صورة محل النزاع من غير فرق والجواب يكون مشتركا كيف وإن إجماع سلف الأمة وهلم جرا منعقد على الكف عن أمر الظلمة بقضاء الصلوات المؤدات في الدور المغصوبة مع كثرة وقوع ذلك منهم ولو لم تكن صحيحة مع وجوبها عليهم لبقي الوجوب مستمرا وامتنع على الأمة عدم الإنكار عادة وهو لازم على المعتزلة وأحمد بن حنبل حيث اعترفوا ببقاء الفرض وعدم سقوطه .
وأما القاضي أبو بكر فإنه قال إن الفرض يسقط عندها لا بها جمعا بين الإجماع على عدم النكير على ترك القضاء وبين ما ظنه دليلا على امتناع صحة الصلاة .
وقد بينا إبطال مستنده .
المسألة الثالثة مذهب الشافعي أن المحرم بوصفه مضاد لوجوب أصله .
خلافا لأبي حنيفة .
وصورة المسألة ما إذا أوجب الصوم وحرم إيقاعه في يوم العيد .
وعلى هذا النحو فالشافعي اعتقد أن المحرم هو الصوم الواقع وألحقه بالمحرم باعتبار أصله