فإن كان ذلك في وقتين فلا يخلو إما أن يكون التاريخ معلوما أو غير معلوم فإن كان الأول فالقول الثاني ناسخ للأول وهو الذي يجب إسناده إليه دون الأول لكونه مرجوعا عنه .
وإن قيل إن الأول قوله فليس إلا بمعنى أنه كان قولا له لا بمعنى انه الآن قوله ومعتقده وإن كان الثاني فيجب اعتقاد نسبة أحدهما إليه والرجوع عن الآخر وإن لم يكن ذلك معلوما ولا معينا .
وعلى هذا فيمتنع العمل بأحدهما قبل التبيين لاحتمال أن يكون ما عمل به هو المرجوع عنه .
وهذا كما إذا وجدنا نصين وعلمنا أن أحدهما ناسخ للآخر ولم يتبين لنا الناسخ من المنسوخ فإنه يمتنع العمل بكل واحد منهما لاحتمال أن يكون ما عمل به هو المنسوخ .
وكذلك الراوي فإنه إذا سمع كتابا من الأخبار سوى خبر واحد منه وأشكل عليه ما سمعه عن غيره فإنه لا يجوز له رواية شيء منه لاحتمال أن يكون ذلك ما لم يروه .
وأما إن كان التنصيص عليهما في وقت واحد فإما أن ينص على الراجح منهما بأن يقول وهذا القول أولى أو يفرع عليه دون الآخر فيظهر من ذلك أن قوله وما يجب أن يكون معتقدا له هو الراجح دون المرجوح .
وأما أن لا يوجد منه ما يدل على الترجيح كما نقل عن الشافعي ذلك في سبع عشرة مسألة فلا يخلو إما أنه ذكر ذلك بطريق الحكاية لأقوال من تقدم فلا تكون أقوالا له .
وإما أن يكون ذلك بمعنى اعتقاده للقولين وهو محال .
وذلك لأن دليلي القولين إما أن يكون أحدهما راجحا على الآخر في نظره أو هما متساويان .
فإن كان الأول فاعتقاده لحكم الدليل المرجوح ممتنع .
وإن كان الثاني فاعتقاده للتحريم والإباحة معا في شيء واحد من جهة واحدة محال