احتجوا بحجج ضعيفة لا بد من الإشارة إليها والتنبيه على ما فيها ثم نذكر بعد ذلك ما هو المختار .
الحجة الأولى من جهة الكتاب قوله تعالى { وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين ففهمناها سليمان } ( الأنبياء 78 ) ووجه الاحتجاج به أنه خصص سليمان بفهم الحق في الواقعة وذلك يدل على عدم فهم ( داود ) له وإلا لما كان التخصيص مفيدا وهو دليل اتحاد حكم الله في الواقعة وأن المصيب واحد .
وأيضا قوله تعالى { لعلمه الذين يستنبطونه منهم } ( النساء 83 ) وقوله تعالى { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم } ( آل عمران 7 ) ولولا أن في محل الاستنباط حكما معينا لما كان كذلك وأيضا قوله تعالى { ولا تفرقوا فيه } ( الشورى 13 ) { ولا تنازعوا فتفشلوا } ( الأنفال 46 ) { ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا } ( آل عمران 105 ) وذلك أيضا يدل على اتحاد الحق في كل واقعة .
ولقائل أن يقول على الآية الأولى غاية ما فيها تخصيص سليمان بالفهم ولا دلالة له على عدم ذلك في حق ( داود ) إلا بطريق المفهوم وليس بحجة على ما تقرر في مسائل المفهوم .
وان سلمنا أنه حجة غير أنه قد روي أنهما حكما في تلك القضية بالنص حكما واحدا ثم نسخ الله الحكم في مثل تلك القضية في المستقبل وعلم ( سليمان ) بالنص الناسخ دون ( داود ) فكان هذا هو الفهم الذي أضيف إليه .
والذي يدل عى هذا قوله تعالى { وكلا آتينا حكما وعلما } ( ) ولو كان