والمشاورة إنما تكون فيما يحكم فيه بطريق الاجتهاد لا فيما يحكم فيه بطريق الوحي .
وأيضا قوله تعالى بطريق العتاب للنبي عليه السلام في أسارى بدر وقد أطلقهم { ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض } ( الأنفال 67 ) فقال عليه السلام لو نزل من السماء إلى الأرض عذاب ما نجا منه إلا عمر لأنه كان قد أشار بقتلهم وذلك يدل على أن ذلك كان بالاجتهاد لا بالوحي .
وأيضا قوله تعالى { عفا الله عنك لم أذنت لهم } ( التوبة 43 ) عاتبه على ذلك ونسبه إلى الخطإ وذلك لا يكون فيما حكم فيه بالوحي فلم يبق سوى الاجتهاد وليس ذلك خاصا بالنبي عليه السلام بل كان غيره أيضا من الأنبياء متعبدا بذلك .
ويدل عليه قوله تعالى { وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث } ( الأنبياء 78 ) الآية وقوله { ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما } ( الأنبياء 79 ) وما يذكر بالتفهيم إنما يكون بالاجتهاد لا بطريق الوحي .
وأما السنة فما روى الشعبي أنه كان رسول الله A يقضي القضية وينزل القرآن بعد ذلك بغير ما كان قضى به فيترك ما قضى به على حاله ويستقبل ما نزل به القرآن والحكم بغير القرآن لا يكون إلا باجتهاد .
وأيضا ما روي عنه أنه قال في مكة لا يختلا خلاها ولا يعضد شجرها .
فقال العباس إلا الأذخر .
فقال عليه السلام ألا إلا ذخر