وأما تقديم الشهادة المثبتة على النافية وإن كانت معتضدة بأصل براءة الذمة فإنما كان لاطلاع المثبت على السبب الموجب لمخالفة براءة الذمة وعدم اطلاع النافي عليه لإمكان حدوثه حالة غيبة النافي عن المنكر وتعذر صحبته له واطلاعه على أحواله في سائر الأوقات .
وأما مسألة العبد فهي ممنوعة وبتقدير تسليمها فلأن الذمة مشغولة بالكفارة يقينا ولا تحصل البراءة منها إلا بيقين وجود العبد ولا يقين .
فمن ادعى وجود مثل ذلك فيما نحن فيه فعليه الدليل .
قولهم إنما يمكن التمسك به في الأحكام الشرعية إذا كان مفيدا لغلبة الظن لا نسلم ذلك بل أصل الظن كاف وبه يظهر الشيء على مقابله وأما رد الشهادة في الصور المذكورة فلم يكن لعدم صلاحيتها بل لعدم اعتبارها في الشرع بخلاف ما نحن فيه من استصحاب الحال فإنه معتبر بدليل ما ذكرناه من صورة الشاك في الطهارة والحدث .
قولهم إنه مغلب على الظن قبل ورود الشرع لا بعده ليس كذلك فإنا بعد ورود الشرع إذا لم نظفر بدليل يخالف الأصل بقي ذلك الأصل مغلبا على الظن .
نعم غايته أنه قبل ورود الشرع أغلب على الظن لتيقن عدم المعارض منه بعد ورود الشرع لظن عدم المعارض .
المسألة الثانية اختلفوا في جواز استصحاب حكم الإجماع في محل الخلاف .
فنفاه جماعة من الأصوليين كالغزالي وغيره وأثبته آخرون وهو المختار .
وصورته ما لو قال الشافعي مثلا في مسألة الخارج النجس من غير السبيلين إذا تطهر ثم خرج منه خارج من غير السبيلين فهو بعد الخروج