وعدم عما أنشأه من الدليل على حكم الفرع إلى الدلالة على حكم الأصل ولا معنى للانقطاع سوى هذا .
ومنهم من قال لا يكون منقطعا لأنه إنما أنشأ الدليل على حكم الفرع إنشآء من يحاول تمشيته وتقريره وبالدلالة على حكم الأصل يحصل هذا المقصود لا أنه تارك لما شرع فيه أولا ولا منع من ذلك فإن الحكم في الفرع كما يتوقف على وجود علة الأصل في الأصل وكونها علة فيه وعلى وجودها في الفرع يتوقف علي ثبوت حكم الأصل وكل ذلك من أركان القياس ولم يمنع أحد من محاولة تقرير القياس عند منع وجود علة الأصل ومنع كونها علة فيه ومنع وجودها في الفرع من الدلالة على محل المنع فكذلك حكم الأصل ضرورة التساوي بين الكل في افتقار صحة القياس إليه .
ومنهم من فصل بين أن يكون المنع خفيا وبين أن يكون ظاهرا فحكم بانقطاعه عند ظهور المنع وبعدم انقطاعه عند خفائه لظهور عذره .
وهذا هو اختيار الاستاذ أبي إسحاق الاسفرائيني .
ومنهم من قال يجب اتباع عرف المكان الذي هو فيه ومصطلح أهله في ذلك .
وهذا هو اختيار الغزالي .
والمختار أنه لا يعد منقطعا إذا دل على موقع المنع لما قررناه فيما تقدم .
وقد بينا شرط الدلالة على حكم الأصل في أركان القياس .
وقد قال الشيخ أبو إسحاق الشيرازي لا يفتقر إلى الدلالة على محل المنع بل له أن يقول إنما قست على أصلي ولا وجه لذلك فإنه إن قصد إثبات الحكم على أصل نفسه فالخصم غير منازع له في ثبوت حكم الفرع على أصله ولا وجه للمناظرة بينهما في ذلك .
وإن قصد إثبات الحكم في الفرع بالنسبة إلى الخصم بحيث يوجب الانقياد إليه فذلك متعذر مع منع حكم الأصل وعدم ثبوته بالدلالة .
وإنما يتصور الاستغناء عن الدلالة على حكم الأصل إذا كان