المسألة الثانية الذين اتفقوا على جواز التعبد بالقياس عقلا .
اختلفوا فمنهم من قال لم يرد التعبد الشرعي به بل ورد بحظره كداود بن علي الأصفهاني وابنه القاشاني والنهرواني ولم يقضوا بوقوع ذلك إلا فيما كانت علته منصوصة أو مومى إليها .
وذهب الباقون إلى أن التعبد الشرعي به واقع بدليل السمع واختلفوا في وقوعه بدليل العقل كما بيناه في المسألة المتقدمة وأومأنا إلى إبطاله .
ثم الدليل السمعي هل هو قاطع أو ظني اختلفوا فيه فقال الكل إنه قطعي سوى أبي الحسين البصري فإنه قال إنه ظني وهو المختار .
وقد احتج على ذلك بحجج ضعيفة لا بد من الإشارة إليها والتنبيه على ضعفها ثم نذكر بعد ذلك ما هو المختار .
فمنها كتابية وإجماعية ومعنوية أما الكتابية فقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } ( النساء 59 ) ووجه الاحتجاج به أنه أمر بطاعة الله والرسول .
والمراد من ذلك إنما هو امتثال أمرهما ونهيهما فقوله ثانيا { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول } ( النساء 59 ) والظاهر من الرد هو القياس ولأنه لو أراد به اتباع أوامرهما ونواهيهما لكان ذلك تكرارا فلم يبق إلا أن يكون المراد به الرد إلى ما استنبط من الأمر والنهي .
ولقائل أن يقول لا نسلم أن المراد من قوله تعالى { فردوه } القياس