واحتجوا بما في القرآن من الآيات التي فيها خطاب النبي A وحده مثل قوله تعالى { وإذا كنت فيهم فأقمت لهم لصلاة فلتقم طآئفة منهم معك وليأخذوا أسلحتهم فإذا سجدوا فليكونوا من ورآئكم ولتأت طآئفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ود لذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم وأمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم وخذوا حذركم إن لله أعد للكافرين عذابا مهينا } ومثل قوله تعالى { وآخرون عترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى لله أن يتوب عليهم إن لله غفور رحيم } وما أشبه ذلك .
قالوا فقلتم هي لازمة لنا ومباحة كلزومها النبي A وإباحتها له .
قال أبو محمد وهذا من التخليط ما هو لأن النص حكم علينا بذلك إذ يقول { لقد كان لكم في رسول لله أسوة حسنة لمن كان يرجو لله وليوم لآخر وذكر لله كثيرا } وبقوله A عليكم بسنتي وبغضبه A على من تنزه عن أن يفعل مثل فعله فبطل تمويههم بأن هذا قياس وصح وجوب كل شريعة خوطب بها A علينا ما لم ننه عن ذلك كقول النبي A في الوصال لست كهيئتكم .
فلو قال قائل إن الذين تعلقوا به مما ذكروا هو حجة عليهم في إبطال القياس لكان حقا لنص النبي A على أنه ليس كهيئتنا ولا كأحدنا ولا مثلنا وإذ ليس مثلنا والقياس عند القائلين به إنما هو قياس الشيء على مثله لا على ما ليس مثله .
فقد بطل القياس ههنا فيلزمهم ألا يحكموا على الناس بشيء خوطب به النبي A وحده وإن فعلوا ذلك خرجوا من الإسلام فصح أنه لا مدخل لهذه الآيات ولا لهذا المعنى في القياس البتة وبالله تعالى التوفيق .
واحتجوا أيضا بقول الله تعالى { هو لذي أخرج لذين كفروا من أهل لكتاب من ديارهم لأول لحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من لله فأتاهم لله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم لرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي لمؤمنين فعتبروا يأولي لأبصار } .
قال أبو محمد وهذه هي قاعدتهم بظنهم في القياس وما كانوا أبعد قط من القياس منهم في هذه الآية وما فهم قط ذو عقل من قول الله تبارك وتعالى { هو لذي أخرج لذين كفروا من أهل لكتاب من ديارهم لأول لحشر ما ظننتم أن يخرجوا وظنوا أنهم مانعتهم حصونهم من لله فأتاهم لله من حيث لم يحتسبوا وقذف في قلوبهم لرعب يخربون بيوتهم بأيديهم وأيدي لمؤمنين فعتبروا يأولي لأبصار } تحريم مد بلوط بمدي بلوط وما للقياس مجال على هذه الآية أصلا بوجه من الوجوه ولا علم أحد قط في اللغة التي بها نزل القرآن أن الاعتبار هو القياس وإنما أمرنا تعالى أن نتفكر في عظيم قدرته في خلق السموات والأرض وما أحل بالعصاة كما قال تعالى في قصة إخوة يوسف عليه السلام { لقد كان في قصصهم عبرة لأولي لألباب ما كان حديثا يفترى ولكن تصديق لذي بين يديه وتفصيل كل شيء وهدى ورحمة لقوم يؤمنون } فلم يستح هؤلاء القوم أن يسموا القياس اعتبارا وعبرة على جاري عادتهم في تسمية الباطل باسم الحق ليحققوا بذلك باطلهم