فإن ذكروا قول الله تعالى { أم لهم نصيب من لملك فإذا لا يؤتون لناس نقيرا } فقد قال تعالى في آية أخرى { قل لو أنتم تملكون خزآئن رحمة ربي إذا لأمسكتم خشية لإنفاق وكان لإنسان قتورا } فنص تعالى على الإمساك والإمساك على عمومه يقتضي النقير وغير النقير وأقل من النقير وأكثر منه .
واحتجوا في ذلك أيضا بقول الله تعالى { كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بلمعروف وتنهون عن لمنكر وتؤمنون بلله ولو آمن أهل لكتاب لكان خيرا لهم منهم لمؤمنون وأكثرهم لفاسقون } وبقوله تعالى { يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } قالوا فلم يخص الله تعالى ما قال أولو الأمر منا بتوقيف من النبي A مما قالوه بقياس .
قال أبو محمد هذا الاحتجاج منهم جمع الشناعة والإثم لأن الله تعالى لم يأمر قط أولي الأمر منا أن يقولوا بآرائهم ولا بقياساتهم ولا أن يقولوا ما شاؤوا وإنما أمرهم الله تعالى أن يقولوا ما سمعوا أو يتفقهوا في الدين الذي أنزله الله تعالى على نبيه A وينذروا بذلك قومهم وهذا بين في قوله تعالى { وعتصموا بحبل لله جميعا ولا تفرقوا وذكروا نعمة لله عليكم إذ كنتم أعدآء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا وكنتم على شفا حفرة من لنار فأنقذكم منها كذلك يبين لله لكم آياته لعلكم تهتدون } وفي قوله تعالى { لطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا ممآ آتيتموهن شيئا إلا أن يخافآ ألا يقيما حدود لله فإن خفتم ألا يقيما حدود لله فلا جناح عليهما فيما فتدت به تلك حدود لله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود لله فأولئك هم لظالمون } وفي قوله تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم إن لسمع ولبصر ولفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا } وفي قوله تعالى { إنما يأمركم بلسوء ولفحشآء وأن تقولوا على لله ما لا تعلمون } .
قال أبو محمد ومن قال بقياسه فقد تعدى حدود الله وقفا ما لا علم به وأخبر عن الله تعالى بما لا يعلم أحد ما عند الله تعالى إلا بإخبار من الله تعالى بذلك وإلا فهو باطل وقد بينا فيما خلا أن قول الله تعالى { يا أيها لذين آمنوا أطيعوا لله وأطيعوا لرسول وأولي لأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى لله ولرسول إن كنتم تؤمنون بلله وليوم لآخر ذلك خير وأحسن تأويلا } إنما هو جميع أولي الأمر لا بعضهم ولم يجمعوا قط على القول بالقياس فكيف نكون نحن مأمورين باتباعهم فيما افترقوا فيه