فصل في عظيم تناقضهم في هذا الباب .
قال أبو محمد وبالجملة فإن مذهبهم في القياس ومذهبهم في دليل الخطاب ومذهبهم في الخصوص مذاهب يبطل بعضها بعضا ويهدم بعضها بعضا وذلك أنهم قالوا في القياس إذا نص على حكم ما فنحن ندخل ما لا ينص عليه في حكم المنصوص عليه ونتبع السنة ما لا سنة فيه فإذا أوجب الربا في البر بالبر أوجبناه نحن في التبن بالتبن وإذا وجبت الكفارة على العامد في الصيد أوجبناه نحن على المخطىء وقالوا في دليل الخطاب إذا نص على حكم ما فنحن نخرج ما لم ينص عليه من حكم المنصوص عليه ولا نتبع السنة ما لا سنة فيه .
فقالت طوائف منهم لا نزكي غير السائمة لأنه ذكرت السائمة في بعض الأحاديث .
وقالت طائفة منهم لا نأكل الخيل لأنه إنما ذكر في الآية الركوب والزينة .
وقالت طوائف منهم لا نقضي بالمتعة إلا التي طلقت ولم تمس ولا فرض لها لأن هذه قد ذكرت بصفتها في بعض الآيات .
قال أبو محمد وهذا ضد قولهم في القياس وإبطاله .
وقالوا في الخصوص لا نقضي لجميع ما اقتضاه النص لكن نخرج منه بعض ما يقع عليه لفظ فقالوا في قوله تعالى { يستفتونك قل لله يفتيكم في لكلالة إن مرؤ هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثهآ إن لم يكن لهآ ولد فإن كانتا ثنتين فلهما لثلثان مما ترك وإن كانوا إخوة رجالا ونسآء فللذكر مثل حظ لأنثيين يبين لله لكم أن تضلوا ولله بكل شيء عليم } إنما عنى الذكر من الأولاد دون الإناث .
وقالوا في قوله تعالى { فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا لشهادة لله ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بلله وليوم لآخر ومن يتق لله يجعل له مخرجا } إنما عنى من الأحرار لا من العبيد ومن الأباعد لا من الإخوة والآباء والأبناء والأزواج .
وقالوا في قوله تعالى { لشهر لحرام بلشهر لحرام ولحرمات قصاص فمن عتدى عليكم فعتدوا عليه بمثل ما عتدى عليكم وتقوا لله وعلموا أن لله مع لمتقين } وفي قوله تعالى { وكتبنا عليهم فيهآ أن لنفس بلنفس ولعين بلعين ولأنف بلأنف ولأذن بلأذن ولسن بلسن ولجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بمآ أنزل لله فأولئك هم لظالمون } لا قصاص من