قال أبو محمد وقد غلط في ذلك من أكابر أصحابنا أبو الحسن عن عبد الله بن أحمد بن المغلس فظن مثل ما ذكرنا وهذا لا حجة لهم فيه لأن الأصل في الصلوات كلها على ظاهر الأمر الإتمام وقد نص رسول الله A على عدد ركعات كل صلاة ثم جاء النص بعد ذلك في القصر في حال السفر مع الخوف فكان ذلك مستثنى من سائر الأحوال فلما رأى عمر القصر متماديا مع ارتفاع الخوف أنكر خروج الحال التي لم تستثن في علمه عن حكم النص الوارد في إتمام الصلاة في سائر الأحوال غير الخوف فأخبر A أن حال السفر فقط مستثناة أيضا من إيجاب الإتمام وإن لم يكن هنالك خوف فكان هذا نصا زائدا في استثناء حال السفر مع الأمن فإنما أنكر ذلك من جهل أن هذه الصدقة الواجب قبولها قد نزل بها الشرع وهو عمر Bه ولسنا ننكر مغيب الواحد من الصحابة أو الأكثر منهم عن نزول حكم قد علمه غيره منهم .
وأما الحديث المروي عن عائشة Bها فرضت الصلاة فلا حجة فيه علينا بل هو حجة لنا وقد يظن عمر إذا نقلت صلاة الحضر إلى أربع ركعات أن صلاة السفر أيضا منقولة والغلط غير مرفوع عن أحد بعد رسول الله A .
قال أبو محمد وتعلل بعض من غلط في هذا الباب من أصحابنا بأن قالوا قوله A استنشق اثنتين بالغتين إلا أن تكون صائما في حديث لقيط بن صبرة الأيادي في ذلك مانع من مبالغة الصائم في الاستنشاق .
قال أبو محمد وليس ذلك كما ظنوا ولكن حديث لقيط فيه إيجاب المبالغة على غير الصائم فرضا لا بد له من ذلك وفيه استثناء الصائم من إيجاب ذلك عليه فسقط عن الصائم فرض المبالغة وليس في سقوط الفرض ما وجب المنع منها فليس في الحديث المذكور منع الصائم منها لكنه له مباحة لا واجبة ولا محظورة لأن الإباحة واسطة بين الحظر والإيجاب .
فإذا سقط الإيجاب لم ينتقل إلى الحظر إلا بنهي وارد لكن ينتقل إلى أقرب المراتب إليه وهي الإباحة أو الندب وإذا سقط التحريم ولم ينتقل إلى الوجوب إلا بأمر وارد لكنه ينتقل إلى أقرب المراتب إليه وهي الإباحة أو الكراهة وقد بينا هذا في باب النسخ من هذا الكتاب