فإن قال قائل فأنت تصف الآن محمدا A بأنه يريد أن يزداد أهل الأرض خيرا وهذا خلاف قولك إن الله D لم يرد هذا بكل الناس فقد وصفت محمدا A بأفضل مما وصفت به الله D وبأنه أرأف بنا من الله تعالى .
قال علي فنقول وبالله التوفيق هذه شغبية ضعيفة وإنما يماثل بين الشيئين أو يفاضل بينهما إذا كانا واقعين تحت نوع واحد أو تحت جنس واحد وليس صفتنا لله تعالى من نوع صفتنا للمخلوقين ورحمة محمد A بالناس هي من جنس تراحمنا بعضنا لبعض إلا أنها أعلى من كل رحمة لإنسي وأكمل وأتم وأدوم وليس الله تعالى واقعا معنا تحت نوع البشرية كوقوع محمد A معنا تحتها وإن كان أفضل من كل من دونه ولا يثنى على الله D بما يثني به على خلقه ألا ترى أننا نصف الله D مثنين عليه بأنه جبار متكبر وهذا في كل مخلوق دونه تعالى ذم شديد واستنقاص عظيم ونصفه تعالى بأنه ذو غضب شديد أنه يفعل ما يريد وأنه ذو مكر لا يؤمن .
وكل هذا لو وصفنا به مخلوقا لكان ذما ونقصا .
ونمدح المخلوقين بالعقل والكيس والنبل والنجدة والعفة وكل هذا لا يجوز أن يوصف به الله D فمن أراد أن يقيس رحمة الله تعالى لخلقه برحمة نبيه A لهم فقد ألحد في وصفه لربه تعالى وقد علمنا يقينا أن الله D لم يرد قط أن يهدي أبا طالب ولو شاء أن يؤمن لشرح صدره للإسلام بل أراد أن يعذبه في نار جهنم أبدا وعلمنا يقينا أن محمدا A كان من أبعد آماله أن يؤمن أبو طالب وقد كفانا الله تعالى ذلك بقوله { إنك لا تهدي من أحببت ولكن لله يهدي من يشآء وهو أعلم بلمهتدين } .
فأما من آمن بالله فالله أرأف به من نفسه بنفسه ومن محمد A ومن أبيه وأمه اللذين ولداه .
لأنه جازاه على ذلك بما لو ملك الاختيار لم يبلغ مقدار ما أعطاه الله تعالى في الجنة ولا سمح له أبواه بذلك ولأنه تعالى غفر له ما لو فعله عاصيا لأبيه ما غفر له ذلك فإن الرجل يزني بأمة الله تعالى فيغفر له بالتوبة وبموازنة حسناته لسيئاته ولو زنى بأمة أبيه لقطعه