وأن من لم يضفه إلى الله تعالى فليس من الدين أصلا لكن معرفة الاختلاف علم زائد قال سعيد بن جبير أعلم الناس أعلمهم بالاختلاف وصدق سعيد لأنه علم زائد وكذلك معرفة من أين قال كل قائل فأما معرفة كيفية إقامة البرهان فبقوله تعالى { وقالوا لن يدخل لجنة إلا من كان هودا أو نصارى تلك أمانيهم قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين } فلم نقل شيئا إلا ما قاله ربنا D وأوجبه علينا والحمد لله رب العالمين .
وإنما نحن منبهون على ما أمرنا الله تعالى وموقفون على مواضع الأوامر التي مر عليها من يمر غافلا أو معرضا ومنذرون قومنا فيما تفقهنا فيه ونفرنا لتعلمه بمن الله D علينا كما أمرنا تعالى إذ يقول { وما كان لمؤمنون لينفروا كآفة فلولا نفر من كل فرقة منهم طآئفة ليتفقهوا في لدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون } ولا نقول من عند أنفسنا شيئا ونعوذ بالله من ذلك ولم يبح الله تعالى ذلك لأحد لا قديما ولا حديثا وبالله تعالى نتأيد وقال تعالى { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن لله على كل شيء قدير } ففرض علينا معرفة الناسخ من المنسوخ وفرض على من قصد التفقه في الدين كما ذكرنا أن يستعين على ذلك من سائر العلوم بما تقتضيه حاجته إليه في فهم كلام ربه تعالى وكلام نبيه A قال تعالى { ومآ أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل لله من يشآء ويهدي من يشآء وهو لعزيز لحكيم } ففرض على الفقيه أن يكون عالما بلسان العرب ليفهم عن الله D وعن النبي A ويكون عالما بالنحو الذي هو ترتيب العرب لكلامهم الذي به نزل القرآن وبه يفهم معاني الكلام التي يعبر عنها باختلاف الحركات وبناء الألفاظ فمن جهل اللغة وهي الألفاظ الواقعة على المسميات وجهل النحو الذي هو علم اختلاف الحركات الواقعة لاختلاف المعاني فلم يعرف اللسان الذي به خاطبنا الله تعالى ونبينا A ومن لم يعرف ذلك اللسان لم يحل له الفتيا فيه لأنه يفتي بما لا يدري وقد نهاه الله تعالى عن ذلك بقوله تعالى