فقد عرضه لخير كثير وامتن عليه بتزايد الأجر وهو في التراب رميم .
وذلك حظ لا يزهد فيه إلا محروم فكتبنا كتابنا المرسوم بكتاب التقريب وتكلمنا فيه على كيفية الاستدلال جملة وأنواع البرهان الذي به يستبين الحق من الباطل في كل مطلوب وخلصناها مما يظن أنه برهان وليس ببرهان وبينا كل ذلك بيانا سهلا لا إشكال فيه ورجونا بذلك الأجر من الله D فكان ذلك الكتاب أصلا لمعرفة علامات الحق من الباطل وكتبنا أيضا كتابنا المرسوم بالفصل فبينا فيه صواب ما اختلف الناس فيه من الملل والنحل بالبراهين التي أثبتنا جملها في كتاب التقريب .
ولم ندع بتوفيق الله D لنا للشك في شيء من ذلك مساغا والحمد لله كثيرا .
ثم جمعنا كتابنا هذا وقصدنا فيه بيان الجمل في مراد الله D منا فيما كلفناه من العبادات والحكم بين الناس بالبراهين التي أحكمناها في الكتاب المذكور آنفا .
وجعلنا هذا الكتاب بتأييد خالقنا D لنا موعبا للحكم فيما اختلف فيه الناس من أصول الأحكام في الديانة مستوفى مستقصى محذوف الفضول محكم الفصول راجين أن ينفعنا الله D به يوم فقرنا إلى ما يثقل به ميزاننا من الحسنات وأن ينفع به تعالى من يشاء من خلقه فيضرب لنا في ذلك بقسط ويتفضل علينا منه بحظ فهو الذي لا يخيب رجاء من قصده بأمله وهو القادر على كل شيء لا إله إلا هو .
وهذا حين نبدأ في ذلك بحول الله وقوته فنقول وبالله تعالى التوفيق إنه لما صح أن العالم مخلوق وأن له خالقا لم يزل D وصح أنه ابتعث رسوله محمدا A إلى جميع الناس ليتخلص من أطاعه من أطباق النيران المحيطة بنا إلى الجنة المعدة لأوليائه D وليكب من عصاه في النار الحامية وصح أنه ألزمنا على لسان نبيه A شرائع من أوامر ونواه وإباحات باستعمال تلك الشرائع يوصل إلى الفوز وينجي من الهلاك وصح أنه أودع تلك الشرائع في الكلام الذي أمره به رسوله الله A بتبليغه إلينا وسماه قرآنا وفي الكلام الذي أنطق به رسوله A وسماه وحيا غير قرآن وألزمنا في كل ذلك طاعة نبيه عليه السلام لزمنا تتبع تلك الشرائع في هذين الكلامين لنتخلص بذلك من العذاب ونحصل على السلامة والحظوة في دار الخلود