نبي مثلهما من البلايا ما لا قبل لأحد به دون ذنب سلف منه ولا إحسان سلف من سليمان وداود على جميعهم الصلاة والسلام وسلط محمدا A على جميع أعدائه وعصمه منهم ومنحه النصر عليهم وسلط على أنبياء أخر أعداءهم فقتلوهم بأنواع المثل وكلهم مع ذلك من مسعود مسلط على عدوه في الدنيا ومحروم مسلط عليه عدوه فيها وكلهم مجتمعون في الجنة متنعمون فيها وفعل بنا ذلك أيضا فمن محسن منعم ومن محسن مشقي وقد نعم أيضا D ملوكا من الكفار في الدنيا وأصحبهم النصر والتأييد إلى أن قبض أرواحهم إلى النار وهم أطغى خلق الله وأكفره وأشد تسلطا على الفواحش .
وحرم آخرين من الكفار فقتلهم بالفاقة والجوع والعري والقمل والمساءلة من باب إلى باب مع العاهات العظيمة والبلايا الشنيعة والأمراض المؤلمة ثم جعل مجتمعهم في جهنم مع منعهم في الدنيا ومنحوس فيها فأي عقل ترتبت فيه هذه الرتبة أو المنع منها ما يحس شيئا من ذلك في عقله إلا ناقص العقل ينبغي له أن يتهم حسه في ذلك .
ونسأل من جعل العقل مرتبا في حظر أو إباحة قبل ورود الشرع فنقول له ما تقول في راهب في صومعة مريد لله D بقلبه كله موحد لله تعالى لا يدع خيرا إلا فعله ولا شرا إلا اجتنبه إلا أنه كان في جزائر الشاشيين في أقصى الدنيا يسمع قط ذكر محمد A من جميع أهل ناحيته إلا متبعا بالكذب وبأقبح الصفات ومات على ذلك وهو شاك في نبوته A أو مكذب لها أليس مصيره إلى النار خالدا مخلدا أبدا بلا نهاية فإن شك أحد في ذلك فهو كافر بإجماع الأمة .
ثم نقول ما تقول في يهودي أو نصراني لم يدع قتل مسلم قدر عليه إلا قتله أو أنفذه ولم يبق شيئا من الفواحش إلا ارتكبه من الزنى وفعل قوم لوط عليه السلام وفعل كل بلية ثم إنه أيقن بنبوة محمد A وآمن وبرىء من كل دين إلا دين الإسلام وأقر بذلك بلسانه ومات أثر ذلك أليس من أهل الجنة بلا خلاف من أحد من الأمة فإن شك في ذلك فقد كفر .
ففي أي موجب للعقل وجد إثبات هذا أو وجد إبطاله وما الذي أوجب في العقل أن يخص محمدا A وسائر الأنبياء بهذه الفضائل وقد كان عليه السلام بين أظهر الناس أربعين سنة لم يحبه تعالى بهذه الفضيلة فأي عقل أوجب منعه من ذلك قبل أن يؤتاها أو أوجب أن يحبى بها إذ حبي بها هل هي إلا