إجماع متيقن وإما تاريخ بتأخر أحد الأمرين عن الآخر مع عدم القوة على استعمال الأمرين وإما نص بأن هذا الأمر ناسخ للأول وأمر نتركه وإما يقين لنقل حال ما فهو نقلي لكل ما وافق تلك الحال أبدا بلا شك .
فمن ادعى نسخا بوجه غير هذه الوجوه الأربعة فقد افترى إثما عظيما وعصى عصيانا ظاهرا وبالله تعالى التوفيق .
فمما تبين بالنص أنه منسوخ قوله تعالى { وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهدآء على لناس ويكون لرسول عليكم شهيدا وما جعلنا لقبلة لتي كنت عليهآ إلا لنعلم من يتبع لرسول ممن ينقلب على عقبيه وإن كانت لكبيرة إلا على لذين هدى لله وما كان لله ليضيع إيمانكم إن لله بلناس لرءوف رحيم } ثم قال تعالى { قد نرى تقلب وجهك في لسمآء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر لمسجد لحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره وإن لذين أوتوا لكتاب ليعلمون أنه لحق من ربهم وما لله بغافل عما يعملون } فهذا تأخير لائح أن القبلة التي كانت قبل هذه منسوخة وأن التوجه إلى الكعبة كان بعد تلك القبلة .
وهذا أيضا له إجماع ومثل قوله تعالى { فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن لله يتوب عليه إن لله غفور رحيم } فنسخ بذلك النهي عن الوطء في ليل رمضان ومثل قوله تعالى { شهر رمضان لذي أنزل فيه لقرآن هدى للناس وبينات من لهدى ولفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد لله بكم ليسر ولا يريد بكم لعسر ولتكملوا لعدة ولتكبروا لله على ما هداكم ولعلكم تشكرون } نسخ به قوله تعالى { أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر وعلى لذين يطيقونه فدية طعام مسكين فمن تطوع خيرا فهو خير له وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون } وهذا نقل مسند إلى النبي A بإجماع يعني نسخ إباحة الفطر والإطعام من ندب إلى فرض ومثل نسخ قيام الليل فإنه نسخ بالنص المنقول بإجماع من فرض إلى ندب .
قال أبو محمد وقد ادعى قوم في قوله تعالى { لآن خفف لله عنكم وعلم أن فيكم ضعفا فإن يكن منكم مئة صابرة يغلبوا مئتين وإن يكن منكم ألف يغلبوا ألفين بإذن لله ولله مع لصابرين } إنه نسخ لقوله تعالى { يأيها لنبي حرض لمؤمنين على لقتال إن يكن منكم عشرون صابرون يغلبوا مئتين وإن يكن منكم مئة يغلبوا ألفا من لذين كفروا بأنهم قوم لا يفقهون } .
قال أبو محمد وهذا خطأ لأنه ليس إجماعا ولا فيه بيان نسخ ولا نسخ عندنا في هذه الآيات أصلا وإنما هي فرض البراز للمشركين وأما بعد اللقاء فلا يحل لواحد