الباب السادس .
هل الأشياء في العقل قبل ورود الشرع على الحظر أو على الإباحة قال أبو محمد قال قوم الأشياء كلها في العقل قبل ورود الشرع على الحظر .
وقال آخرون بل هي على الإباحة وقال آخرون بل هي على الحظر حاشا الحركة النقلية من مكان إلى مكان وشكر المنعم فقط .
وقال آخرون بل هي على الإباحة حاشا الكفر والظلم وجحد المنعم وقال آخرون وهم جميع أهل الظاهر وطوائف من أهل أصحاب القياس ليس لها حكم في العقل أصلا لا بحظر ولا بإباحة وإن كل ذلك موقوف على ما ترد به الشريعة .
قال أبو محمد وهذا هو الحق الذي لا يجوز غيره واحتج من قال بحظرها بأن قال الأشياء كلها ملك لله D ولا يجوز أن يقدم على ملك مالك إلا بإذنه .
قال أبو محمد وهذا تمويه ساقط لأنه لم يحرم الإقدام على مالك غيرنا بنفس العقل وإنما حرم ما حرم من ذلك ورود الشرع بتحريمه ولو كان تحريم الإقدام على ملك المالك مركبا في ضرورة العقل لما جاز أن يأتي شرع بخلافه كما لا يجوز أن يأتي بشرع فإن الكل أقل من الجزء وأن القصير أطول مما هو أطول منه لأن كل شيء رتب الله تعالى في العقل إدراكه على صفة ما بخلاف ما قد رتبه تعالى ممتنعا ومحالا ورتب الاخبار به كذبا وإفكا وأخبرنا تعالى أن قوله الحق ولا سبيل أن يرد الشرع بمحال ولا بكذب .
ومن أجاز ذلك خرج عن الإسلام .
وقد وجدنا المالك فيما بيننا لملكه قد أمرنا تعالى بأخذه منه كرها فيما لزمه من نفقة زوجه التي هي لعلها أغنى منه وأقدر على المال وفي أشياء كثيرة من أروش ما أتلف بخطأ أو بغير قصد وبقصد .
ووجدناه تعالى قد أجاز ما أنفذه أهل دار الحرب في أموالهم وملكهم إياها بقوله تعالى { وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضا لم تطئوها وكان لله على كل شيء قديرا } وأجاز كل ما أنفذوه فيها من هبة وبيع ثم أطلقنا على أخذها منهم اختلاسا وغلبة وعلى كل وجه