صحة ما ذكرناه وأيقنه وشاهده وعلمه ضرورة ولم يكن عنه له محيد أصلا ومن أصحب الله تعالى نفسه والحيرة وتمييزه الضعف تحير وتصور الأمور بخلاف ما هي عليه ولم يخرج إلى طرف وظن الظنون المردية ولله تعالى الحمد على ما علم وهدى لا إله إلا هو الرحمن الرحيم .
قال أبو محمد ومن بديع ما قطع أصحابنا على أنه لا يجوز نسخه شكر المنعم وأن كفر المنعم لا سبيل إلى إباحته في العقل أصلا .
قال أبو محمد فنسأل قائل هذا القول الفاسد فنقول له ما تقول في رجل استنقذ طفلا قد أشرف الأسد على افتراسه فرباه ولا أب له ولا أم ولا مال فأحسن تربيته ثم علمه العلوم وأكرمه وبره ولم يذله ولا استخدمه وموله وزوجه وخوله ثم إن ذلك المحسن إليه زنى وهو محصن وسرق وقذف ثم تاب من كل ذلك وتعبد ثم قامت عليه بذلك بينة عدل وقدم إلى يتيمه وهو بعد حاكم من حكام المسلمين فما ترى أن يفعل فيه أيشكر فيعفو عنه ولا سيما وقد تاب أو يأمر بأن يوجع متناه بالسياط ثم يقطع يده ثم يأمر بشدخ هامته بالحجارة حتى يموت فإن قال أرى أن يعفو عنه كفر إن اعتقد ذلك أو فسق إن أشار بذلك غير معتقد له وإن قال أرى أن يوقع به أنواع العذاب الذي ذكرنا فقد ترك مذهبه الفاسد في ألا يكفر إحسان المنعم .
فإن قال إن هذا الفعل هو شكره على الحقيقة .
قال خلاف ما ادعى أن العقل يوجبه وسمى غاية الإساءة إحسانا فإن رجع إلى أن يقول إنما يحسن في العقول شكر المنعم الذي أمر الله تعالى بشكره لا شكر المنعم الذي أمر الله تعالى بالإضرار به وألا يقارض على إحسانه رجع إلى الحق وإلى أنه لا حسن إلا ما فعل الله تعالى ولا قبيح إلا ما نهى الله عنه وهذا الذي لا يجوز غيره .
والعجب من ذهاب هؤلاء القوم عن نور الحق في هذه المسألة وهم يسمعون الله تعالى يقول { لا تجد قوما يؤمنون بلله وليوم لآخر يوآدون من حآد لله ورسوله ولو كانوا آبآءهم أو أبنآءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم لإيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها لأنهار خالدين فيها رضي لله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب لله ألا إن حزب لله هم لمفلحون }