فصل من الاستثناء .
قال علي واختلفوا في نوع من أنواع الاستثناء وهو أن يستثنى من الجملة أكثرها ويبقى الأقل فأجازه قوم وهو قول جميع أصحابنا أهل الظاهر وبه نأخذ وبه قال جمهور الشافعيين وأباه قوم وهو قول جمهور المالكيين ولا نعلم لهؤلاء القوم حجة أصلا في المنع من ذلك إلا أن يقول بعضهم إنكم قد وافقتمونا على جواز استثناء ولا نوافقكم على جواز استثناء الأكثر .
قال علي وهذه حجة إنما تصح فيما لا نص فيه أو فيما لم يقم عليه برهان وأما كل ما قام فيه برهان عقلي أو شرعي فلا نبالي من وافقنا فيه ولا من خالفنا وقد قامت البراهين على جواز استثناء الأكثر من جملة لا يبقى منها بعد ذلك إلا الأقل قال الله D { قم لليل إلا قليلا نصفه أو نقص منه قليلا أو زد عليه ورتل لقرآن ترتيلا } فأبدل تعالى النصف من القليل وهو بدل البيان ولم يختلف قط أحد أنه لم يفرض عليه قيام الليل كله وإنما فرض عليه القيام في الليل وهذا البدل يحل محل المبدل منه فالمفهوم أنه قال تعالى قم الليل إلا نصفه ثم زادنا الله تعالى فائدة عظيمة وهي أن النصف قليل بالإضافة إلى الكل .
قال علي فإن قال قائل كيف تحتجون بهذا وأنتم تقولون إن قيام أكثر من ثلث الليل لا يجوز لقول النبي A إنه لا قيام فوق داود وكان يقوم ثلث الليل بعد أن ينام نصفه ثم ينام سدسه قيل له وبالله تعالى التوفيق معنى قوله تعالى { نصفه أو نقص منه قليلا أو زد عليه ورتل لقرآن ترتيلا } إنما هو والله أعلم إعلام بوقت القيام لا بمقدار القيام ليتفق معنى الآية والحديث فكل من عند الله تعالى وما كان من عنده تعالى فلا اختلاف فيه