للتبعيض وأيضا فلو كانت الأموال مرادة على عمومها لكان ذلك ممتنعا لأن ذلك كان يوجب الأخذ من كل برة ومن كل خردلة ومن كل سمة لأن كل ذلك أموال فلما صح بكل ما ذكرنا أنه تعالى لم يرد كل مال وجب طلب معرفة الأموال التي تجب فيها الزكاة ومقدار ما يؤخذ منها ومتى يؤخذ من نص آخر أو من الإجماع إذ قد ثبت أن المأخوذ هو شيء من بعض ما يملكونه فلا بد من بيان ذلك الشيء المراد فإنه إذا أخذ شيء يقع عليه اسم شيء واحد من جميع أموالهم فقد أخذ من أموالهم وكان هذا أيضا موافقا للظاهر وغير مخالف له البتة وليس إلا هذا الوجه إلا أن يوجب أكثر منه نص أو إجماع لأنه قد تعذر الوجه الثاني وهو أن يؤخذ من كل مال جزء وإذا لم يكن لشيء إلا قسمان فسقط أحدهما ثبت الآخر فلو لم تأت نصوص وإجماع على الأخذ من المواشي والذهب والفضة والبر والشعير والتمر لما وجب إلا ما يقع عليه اسم أخذ لأجزأ إعطاء برة واحدة أو شعيرة واحدة أو أي شيء أعطاه المرء ولكن النصوص والإجماع على ما ذكرنا فرض الوقوف عندهما .
وأما العموم الثاني وهو عموم أرباب الأموال فبين واضح وهو من كل إنسان ذي مال فوجب استعماله على عمومه إذ عرف مقدار ما يؤخذ ومتى يؤخذ ومما يؤخذ فلا مخرج من ذلك إلا ما أخرجه نص أو إجماع على ما نذكر بعد هذا إن شاء الله تعالى .
وأما النص المفسر الذي يفهم معناه من لفظه وكان يمكننا استعماله على عمومه ولو لم يأتنا غيره فأتى نص آخر أو إجماع فخص منه بعض ما يقع عليه الاسم فإنه لا يخرج منه إلا ما أخرج النص والإجماع والحجة في ذلك هي الحجج التي أثبتنا بها القول بالعموم في أول هذا الباب الذي نحن الآن في فصوله ويلزم من قال لا أبقي منه إلا ما جاء نص أو إجماع في بقائه أن يبيح دماء جميع الأمة إلا ما اتفق على تحريم دمه لأن قوله عليه السلام دماؤكم وأموالكم عليكم حرام لقد اتفق على أنه ليس على عمومه بل لخص منه كثير كالزناة المحصنين وقتلة الأنفس وغيرهم فيلزمهم أن يقتلوا شارب الخمر في الرابعة هذا لو لم يأت فيه نص ولكن على أصلهم الفاسد وأن يقتل الساحر إن كان حنفيا أو شافعيا وأن يقتل السيد بعبده والمؤمن بالكافر إن كان مالكيا وإلا فقد تناقضوا وأقروا بأن العموم الذي قد خص بعضه فإن باقيه