قال علي وقد بينا في غير ما مكان أن اللغة إنما وضعت ليقع بها التفاهم فلا بد لكل معنى من اسم مختص به فلا بد لعموم الأجناس من اسم ولعموم كل نوع من اسم وهكذا أبدا إلى أن يكون لكل شخص اسمه ومن سعى في إبطال هذا فهو سوفسطائي على الحقيقة عاكس للأمور على وجوهها مفسد للحقائق ويأبى الله إلا أن يتم نوره .
قال علي ولا فرق بين الأخبار بالأوامر في كل ذلك وكل اسم فهو يقتضي عموم ما يقع تحته ولا يتعدى إلى غير ما يقع تحته والوعد والوعيد في كل ذلك كسائر الخطاب ولا فرق والحديث والقرآن كله كاللفظة الواحدة فلا يحكم بآية دون أخرى ولا بحديث دون آخر بل بضم كل ذلك بعضه إلى بعض إذ ليس بعض ذلك أولى بالاتباع من بعض ومن فعل غير هذا فقد تحكم بلا دليل .
ويقال لهم ما الفرق بينكم وبين من قال لعل الخطاب الوارد إنما خص به الصحابة دون غيرهم فكل ما قالوا ههنا فهو مردود عليهم في دعواهم خصوص بعض ما يقع عليه الخطاب دون بعض .
ويقال لهم بأي شيء استجزتم قتل من قتلتم من المشركين وقطع من قطعتم من السراق وجلدتم من جلدتم من الزناة وحد من حددتم من القذفة وخصصتموهم بإيقاع هذه الأحكام عليهم دون سائر من يقع عليه اسم زان أو قاتل أو قاذف أو سارق فهل ههنا إلا أنهم سرقوا وقتلوا وزنوا وقذفوا فهكذا فعل غيركم ممن أخرجتموه من الخطاب وأسقطتم عنه ما حملتم على هؤلاء فلأي معنى خصصتم من أمضيتم عليه الحكم دون من لم تمضوه عليه فإن قالوا بدلائل دلت على ذلك لم نأب ذلك وقلنا لهم هذا قولنا وحسبنا أننا قد أزلناكم عن الحكم بالخصوص المجرد الذي هو الافتراء على الله D في الحكم عنه تعالى بما لم يأذن به وقد رام قوم أن يفرقوا بين الأوامر والأخبار واحتجوا بأنهم مضطرون إلى العمل بالأوامر وليست الأخبار كذلك .
وقال علي وهذا فرق فاسد لأننا مضطرون إلى وجوب اعتقاد صحة الأخبار وإلى الإقرار بها وهي التي وردت بها النصوص كما نحن مضطرون إلى العمل بالأوامر ولا فرق والاعتقاد الصحيح فعل الله تعالى في النفس والإقرار بالمعتقد فعل النفس