قال علي ولولا النصوص الواردة بقبول التوبة وبالموازنة وبغفران السيئات باجتناب الكبائر لوجب ضرورة حمل آيات الوعيد على ظاهرها وعمومها ولكن صرنا إلى بيان خطاب آخر وكذلك القول في الآية الأخرى وفي كل آية وخطاب حديث وخبر ونحن لا ننكر تخصيص العموم بدليل نص آخر أو ضرورة حس وإنما أنكرنا تخصيصه بلا دليل .
قال علي وسألونا أيضا فقالوا تعتقدون في أول سماعكم الآية والحديث قبل تفهمكم فالجواب إننا نعتقد العموم ولا بد من ذلك وإلا أننا في أول سماعنا وقبل تفقهنا لسنا مفتين ولا حكاما ولا منذرين حتى نتفقه فإذا تفقهنا حملنا حينئذ كل لفظ على ظاهره وعمومه وحكمنا بذلك وأفتينا وتدينا إلا ما قام عليه دليل أنه ليس على ظاهره وعمومه فنصير إليه ولو أن حاكما أو مفتيا لم يبلغه تخصيص ما بلغه من العموم لكان الفرض عليهما الحكم بالذي بلغهما من العموم والفتيا به وإلا فهما فاسقان حتى يبلغهما الخصوص فيصير إليه .
ثم نعكس عليهم هذا السؤال فنقول ماذا تعتقدون في الآية والحديث إذا سمعتموها قبل تفقهكم أتعتقدون في بطلان الطاعة لهما وأنهما منسوخان أو تعتقدون وجوب الطاعة لهما وأنهما مستعملان محكمان ما لم يقم دليل على نسخهما فإن قالوا نعتقد أنهما منسوخان وأنهما على الوقف فارقوا قول جميع المسلمين وأدى ذلك إلى إبطال جميع الشرائع ومفارقة الإسلام لأن الدليل الذي يطلب على بطلان النسخ ليس إلا آية أخرى أو نصا أو إجماعا ويلزمهم من الوقف في الآية الأخرى وفي الحديث الآخر أو من القول بأنهما منسوخان ما لزم في الخطاب الأول ولا فرق وهكذا أبدا ولزمهم الوقف أيضا في دعواهم الإجماع لعل ههنا خلافا فبطلت الديانة على قولهم ووجب بهذا القول ألا يعمل أحد بشيء من الدين إذ لعل ههنا شيئا خصه أو شيئا نسخه وهذا خلاف دين الإسلام ونحن نبرأ إلى الله تعالى من كل قول أدى إلى هذا وإن قالوا بل على أنهما محكمان حتى يقوم دليل على أنهما منسوخان رجعوا إلى الحق وهذا يلزمهم في القول بالوقف أو الخصوص ولا فرق .
قال علي وشغبوا أيضا فقالوا نحن في الخطاب الوارد كالحاكم شهد عنده شاهدان فلا بد له من السؤال عنهما والتوقف حتى تصح عدالتهما