قال علي فلا طريق لورود الأوامر والشرائع الواجبة إلا على هذين الوجهين فقط فأما عنصر الأمر والنهي فإنما هو ما ورد بلفظ افعل أو لا تفعل فهذه صيغة لا يشركه فيها الخبر المجرد الذي معناه معنى الخبر المحض ولا يشركه فيها التعجب ولا يشركه فيها القسم وإنما يشركه في هذه الصيغة الطلبية فقط فما كان منها إلى الله D فهو الدعاء فقط وما كان منها إلى من دونه تعالى فهو الرغبة .
وقد يسمى الدعاء إلى الله D أيضا رغبة ولا يسمى الدعاء على الإطلاق إلا ما كان طلبة إلى الله D حتى إذا جاز أضيف أن ينسب إلى غير الله تعالى فنقول ادع فلانا بمعنى ناده .
قال علي وأما المقدمات المأخوذة لإنتاج النتائج في المناظرة فإنما الأصل فيها أن تصاغ بصيغة الخبر مثل قوله A كل مسكر خمر وكل خمر حرام النتيجة فكل مسكر حرام .
إلا أننا في مناظرتنا أهل ملتنا وأهل نحلتنا فيما تنازعنا فيه قد غنينا عن ذلك لاتفاقنا على أن لفظ افعل مقدمة مقبولة تقوم بها الحجة فيما بيننا قياما تاما .
قال علي ويميز ما جاء في الأوامر بلفظ الأخبار مما جاء بلفظ الخبر ومعناه الخبر المجرد بضرورة العقل فإن قول الله D { ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزآؤه جهنم خالدا فيها وغضب لله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما } هو بمنزلة قوله تعالى { وما كان لمؤمن أن يقتل مؤمنا إلا خطئا ومن قتل مؤمنا خطئا فتحرير رقبة مؤمنة ودية مسلمة إلى أهله إلا أن يصدقوا فإن كان من قوم عدو لكم وهو مؤمن فتحرير رقبة مؤمنة وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله وتحرير رقبة مؤمنة فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين توبة من لله وكان لله عليما حكيما } في ظاهر ورود الأمر إلا أن أحد اللفظين خبر مجرد لفظه لفظ الخبر ومعناه معنى الخبر والآخر لفظه لفظ الخبر ومعناه معنى الأمر وإنما علمنا ذلك لأن الجزاء بجهنم لا يجوز أن نؤمن نحن به لأن ذلك ليس في وسعنا وقد أمننا الله من أن يأمرنا بما ليس في وسعنا قال الله D { لا يكلف لله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما كتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينآ أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينآ إصرا كما حملته على لذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به وعف عنا وغفر لنا ورحمنآ أنت مولانا فنصرنا على لقوم لكافرين } وأما التحرير للرقبة وتسليم الدية