إبطاله من احتمال الأمرين والثانية إبطال فائدة العقل لأنه يصير حينئذ قائلا إن الموضوع في اللغة من لفظة افعل لا تفعل إن شئت وهذا خلاف فهم جميع أهل اللغات لأن الثابت في فطرة العقل أن النهي عن الشيء غير الأمر به وكفى مع أن الإجماع على ترك هذا القول كاف عن تكلف دليل .
وبرهان ضروري وهو أنه إن كانت لفظة افعل موضوعة لغير الإيجاب إلا بدليل يخرجها إلى الإيجاب وكانت أيضا لفظة لا تفعل موضوعة لغير التحريم إلا بدليل يخرجها إلى التحريم وكان كلتا اللفظتين تعطي افعل إن شئت أو لا تفعل إن شئت فقد صار ولا بد من المفهوم من لا تفعل هو المفهوم من افعل وهذا لا يقوله ذو مسكة عقل .
قال علي قالوا وبأي شيء يدل على أنه على الوجوب أبنفسه أم بدليله فإن قلتم بنفسه ففي ذلك اختلفنا وإن كان بدليله فإذا لم يدل هو فدليله أحرى أن لا يدل .
قال علي وهذا شغب فاسد ضعيف جدا .
تعلقوا إليه من قبل مبطلي الحقائق فإنهم قد سألونا بهذا السؤال نفسه فقالوا بماذا ثبت عندكم أن الأشياء حق أبأنفسها ففيها اختلفنا أم بغيرها فلا شيء في العالم يوجد من غير الأشياء الموجودة وليس غير الأشياء إلا لا شيء فإذا لم يدل الشيء على حقيقة نفسه فلا شيء أحرى ألا يدل وتعلق أيضا بهذا السؤال مبطلو دلائل العقل فقالوا بأي شيء علمتم صحة ما يدل عليه العقل أبالعقل أم بغير العقل ونحو هذا من الهذيان كثير وهؤلاء القوم في شعبة من طريق مبطلي الحقائق ومبطلي مدركات العقل .
ونعكس عليهم سؤالهم هذا السخيف الذي صححوه فهو لازم لهم لا لنا إذ لم نصححه ونقول لهم بأي شيء يدل الأمر على أنه على الوقف أبنفسه أم بدليله فإن قلتم بنفسه ففي ذلك اختلفنا وإن كان بدليله فإذا لم يدل هو فدليله أحرى ألا يدل فمن أحمق استدلالا ممن دليله عائد عليه وهادم لقوله وإنما هم قوم لا يحققون شيئا إنما هم في سبيل التشغيب على الضعفاء وما يخدعون إلا أنفسهم .
والجواب عن هذا السؤال السخيف وبالله تعالى التوفيق أنا قد أخبرنا فيما خلا وفي سائر كتبنا بأننا مضطرون إلى معرفة أن الأشياء حقائق وأنها موجودة على