وقال تعالى { سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بلغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مرآء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا } .
قال أبو محمد فلما وجدنا الله تعالى قد أمر في الآيات التي ذكرنا بالحجاج والمناظرة ولم يوجب قبول شيء إلا ببرهان وجب علينا تطلب الحجاج المذموم على ما قدمناه فوجدناه قد قال { وما نرسل لمرسلين إلا مبشرين ومنذرين ويجادل لذين كفروا بلباطل ليدحضوا به لحق وتخذوا آياتي وما أنذروا هزوا } فذم تعالى كما ترى الجدال بغير حجة والجدال في الباطل وأبطل تعالى بذلك قول المجانين كل مفتون ملقن حجة وبين تعالى أن المفتون هو الذي لا يلقن حجة وأن المحق هو الملقن حجة على الحقيقة وهم أهل الحق .
وقال تعالى { لذين يجادلون في آيات لله بغير سلطان أتاهم كبر مقتا عند لله وعند لذين آمنوا كذلك يطبع لله على كل قلب متكبر جبار } .
فقد جمعت هذه الآيات بيان الجدال المذموم والجدال المحمود الواجب فالواجب هو الذي يجادل متوليه في إظهار الحق والمذموم وجهان بنص الآيات التي ذكرنا أحدهما من جادل بغير علم والثاني من جادل ناصرا للباطل بشغب وتمويه بعد ظهور الحق إليه وفي هذا بيان أن الحق في واحد وأنه لا شيء إلا ما قامت عليه حجة العقل وهؤلاء المذمومون هم الذين قال الله تعالى فيهم { ألم تر إلى لذين يجادلون في آيات لله أنى يصرفون } وقوله تعالى { ومن لناس من يجادل في لله بغير علم ويتبع كل شيطان مريد } وقوله تعالى { ومن لناس من يجادل في لله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير ثاني عطفه ليضل عن سبيل لله له في لدنيا خزي ونذيقه يوم لقيامة عذاب لحريق } وبقوله تعالى { ما يجادل في آيات لله إلا لذين كفروا فلا يغررك تقلبهم في لبلاد كذبت قبلهم قوم نوح ولأحزاب من بعدهم