ومثلوا ذلك بحديث جابر يعني الحديث الطويل في الحج .
قال علي هذا لا معنى له لأن من حفظ أشياء كثيرة فليس ذلك بمانع أن يحفظ غيره بعض ما غاب عنه مما جرى في تلك الأشياء التي حفظ أكثرها وقد سمع أنس والبراء وحفصة من فم النبي A في تلك الحجة ما لم يسمع جابر وثقفوا ما لم يثقفه جابر فالواجب قبول الزيادة التي عند هؤلاء على ما عند جابر وقبول الزيادة التي عند جابر على ما عند هؤلاء فنأخذ بروايتهم كلها ولا نترك منها شيئا وكلهم عدل صادق وهذا الذي لا يجوز غيره .
وقالوا نرجح أحد النصين بأن يكون أحدهما مكشوفا ويكون الآخر فيه حذف فنأخذ بالمكشوف ومثلوا ذلك بقوله تعالى { وأتموا لحج ولعمرة لله فإن أحصرتم فما ستيسر من لهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ لهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذآ أمنتم فمن تمتع بلعمرة إلى لحج فما ستيسر من لهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في لحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري لمسجد لحرام وتقوا لله وعلموا أن لله شديد لعقاب } مع قوله تعالى { وأتموا لحج ولعمرة لله فإن أحصرتم فما ستيسر من لهدي ولا تحلقوا رؤوسكم حتى يبلغ لهدي محله فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك فإذآ أمنتم فمن تمتع بلعمرة إلى لحج فما ستيسر من لهدي فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام في لحج وسبعة إذا رجعتم تلك عشرة كاملة ذلك لمن لم يكن أهله حاضري لمسجد لحرام وتقوا لله وعلموا أن لله شديد لعقاب } .
قالوا لأن هذه الأخيرة فيها حذف كأنه قال تعالى فإن أحصرتم فأحللتم .
قال علي وهذا الذي ذكروا خطأ لأن آية الإحصار أخص من آية الإتمام لأن المحصرين هم بعض المعتمرين والحجاج فواجب ضرورة أن يستثنوا منهم مع ما روي عن النبي A في ذلك من قوله عليه السلام من كسر أو عرج فقد حل والحذف الذي ذكروا لا يعتد به إلا جاهل لأن ما تيقن فقد يحذف في كلام العرب كثيرا عن ذلك قوله تعالى { يا أيها لذين آمنوا لا تقربوا لصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون ولا جنبا إلا عابري سبيل حتى تغتسلوا وإن كنتم مرضى أو على سفر أو جآء أحد منكم من لغآئط أو لامستم لنسآء فلم تجدوا مآء فتيمموا صعيدا طيبا فمسحوا بوجوهكم وأيديكم إن لله كان عفوا غفورا } فلا خلاف بين أحد من الأمة في أن في هذه الآية حذفا كأنه قال تعالى أو على سفر فأحدثتم لأن كون المرء مريضا أو مسافرا لا يوجب عليه وضوءا إلا أن يحدث ومن ذلك قوله تعالى { لا يؤاخذكم لله بللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم لأيمان فكفارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبة فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام ذلك كفارة أيمانكم إذا حلفتم وحفظوا أيمانكم كذلك يبين لله لكم آياته لعلكم تشكرون } لا يختلف مسلمان في أن في هذه الآية حذفا وأن معناه إذا حلفتم فحنثتم أو أردتم الحنث كلا المعنيين قد قال به قوم لأن الحلف لا يوجب كفارة إلا بالحنث أو بإرادته .
ومن ذلك قوله D { وقطعناهم ثنتي عشرة أسباطا أمما وأوحينآ إلى موسى إذ ستسقاه قومه أن ضرب بعصاك لحجر فنبجست منه ثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم وظللنا عليهم لغمام وأنزلنا عليهم لمن ولسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم وما ظلمونا ولكن كانوا أنفسهم يظلمون } { فأوحينآ إلى موسى أن ضرب بعصاك لبحر فنفلق فكان كل فرق كلطود لعظيم } لا خلاف عند ذي