قال أبو محمد وإنما ذم تعالى في هذه الآية من خاصم وجادل في الباطل وعارض الآلهة التي كانوا يعبدون من حجارة لا تعقل بعيسى النبي العبد المؤيد بالمعجزات من إحياء الموتى وغير ذلك .
ومنها قوله تعالى { ويعلم لذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص } ومنها قوله تعالى { فإن حآجوك فقل أسلمت وجهي لله ومن تبعن وقل للذين أوتوا لكتاب ولأميين أأسلمتم فإن أسلموا فقد هتدوا وإن تولوا فإنما عليك لبلاغ ولله بصير بلعباد } .
قال أبو محمد قال تعالى { يريد لله أن يخفف عنكم وخلق لإنسان ضعيفا } فصح بهذه الآية أن كلام الله تعالى لا يتعارض ولا يختلف فوجدناه تعالى أثنى على الجدال بالحق وأمر به فعلمنا يقينا أن الذي أمر به تعالى هو غير الذي نهى عنه بلا شك فنظرنا في ذلك لنعلم وجه الجدال المنهي عنه المذموم ووجه الجدال المأمور به المحمود لأنا قد وجدناه تعالى قد قال { ومن أحسن قولا ممن دعآ إلى لله وعمل صالحا وقال إنني من لمسلمين } ووجدناه تعالى قد قال { دع إلى سبيل ربك بلحكمة ولموعظة لحسنة وجادلهم بلتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بلمهتدين } فكان تعالى قد أوجب الجدال في هذه الآية وعلم فيها تعالى جميع آداب الجدال كلها من الرفق والبيان والتزام الحق والرجوع إلى ما أوجبته الحجة القاطعة .
وقال تعالى { قل فأتوا بكتاب من عند لله هو أهدى منهمآ أتبعه إن كنتم صادقين فإن لم يستجيبوا لك فعلم أنما يتبعون أهوآءهم ومن أضل ممن تبع هواه بغير هدى من لله إن لله لا يهدي لقوم لظالمين } .
ولم يأمر الله D رسوله A أن يقول هذا شكا في صدق ما يدعو إليه ولكن قطعا لحجتهم وحسما لدعواهم وإلزاما لهم مثل ما التزم لهم من رجوعه إلى الأهدى واتباعه الأمر الأصوب وإعلاما لنا أن من لم يأت بحجة على قوله يصير بها أهدى من قول