قال علي فمن استطاع منكم فليكن من أمثال الأرض الطيبة فإن حرم ذلك فمن الأجادب وليس بعد ذلك درجة في الفضل والبسوق ونعوذ بالله من أن نكون من القيعان لكن من استقى من الأجادب ورعى من الطيبة فقد نجا وبالله التوفيق .
قال علي فإذا روى العدل عن مثله كذلك خبرا حتى يبلغ به النبي A فقد وجب الأخذ به ولزمت طاعته والقطع به سواء أرسله غيره أو أوقفه سواه أو رواه كذاب من الناس وسواء روي من طريق أخرى أو لم يرو إلا من تلك الطريق وسواء كان ناقله عبدا أو امرأة أو لم يكن وإنما الشرط العدالة والتفقه فقط وإن العجب ليكثر من قوم من المدعين أنهم قائلون بخبر الواحد ثم يعللون ما خالف مذاهبهم من الأحاديث الصحاح بأن يقولوا هذا مما لم يروه إلا فلان ولم يعرف له مخرج من غير هذا الطريق .
قال أبو محمد وهذا جهل شديد وسقوط مفرط لأنهم قد اتفقوا معنا على وجوب قبول خبر الواحد والأخذ به ثم هم دأبا يتعللون في ترك السنة بأنه خبر واحد والعجب أنهم يأخذون بذلك إذا اشتهوا فهذا محمد بن مسلم الزهري له نحو تسعين حديثا انفرد بها عن النبي A لم يروها أحد من الناس سواه ليس أحد من الأئمة إلا وله أخبار انفرد بها ما تعلل أحد من هؤلاء المحرمون في رد شيء منها بذلك فليت شعري ما الفرق بين من قبلوا خبره ولم يروه أحد معه وبين من ردوا خبره لأنه لم يروه أحد معه وهل في الاستخفاف بالسنن أكثر من هذا .
وأيضا فإن الخبر وإن روي من طرق ثلاثة أو أربعة أو أكثر من ذلك فهو كله خبر واحد من أثبت شيئا من ذلك أثبت خبر الواحد ومن نفى خبر الواحد نفى كل ذلك لأن العلة عندهم في كل ذلك واحدة وهي أن كل ما لا يضطر إلى التصديق عندهم ولم يوجب القطع على صحة مغيبة لديهم فهو خبر واحد وهذه عندهم صفة كل ما لم ينقل بالتواتر فقد تركوا مذهبهم وهم لا يشعرون أو يشعرون ويتعمدون وهذه أسوأ وأقبح ونعوذ بالله من الخذلان .
قال علي وأما المدلس فينقسم إلى قسمين أحدهما حافظ عدل ربما أرسل حديثه وربما أسنده وربما حدث به على سبيل المذاكرة أو الفتيا أو المناظرة فلم يذكر له سندا وربما اقتصر على ذكر بعض رواته دون