الباب التاسع والثلاثون في إبطال القول بالعلل .
في جميع أحكام الدين قال أبو محمد علي بن أحمد Bه ذهب القائلون بالقياس من المتحذلقين المتأخرين إلى القول بالعلل واختلف المبطلون للقياس فقالت طائفة منهم إذا نص الله تعالى على أنه جعل شيئا ما سببا لحكم ما فحيث ما وجد ذلك السبب وجد ذلك الحكم وقالوا مثال ذلك قول رسول الله A إذ نهى عن الذبح بالسن وأما السن فإنه عظم .
قالوا فكل عظم لا يجوز الذبح به أصلا قالوا ومن ذلك قول رسول الله A في السمن تقع فيه الفأرة فإن كان مائعا فلا تقربوه قالوا فالميعان سبب ألا يقرب فحيث ما وجد مائع حلت فيه نجاسة فالواجب ألا يقرب .
قال أبو محمد وهذا ليس يقول به أبو سليمان C ولا أحد من أصحابنا وإنما هو قول لقوم لا يعتد بهم في جملتنا كالقاساني وضربائه .
وقال هؤلاء وأما ما لا نص فيه فلا يجوز أن يقال فيه إن هذا لسبب كذا .
وقال أبو سليمان وجميع أصحابه Bهم لا يفعل الله شيئا من الأحكام وغيرها لعلة أصلا بوجه من الوجوه فإذا نص الله تعالى أو رسوله A على أن أمر كذا لسبب كذا أو من أجل كذا ولأن كان كذا أو لكذا فإن ذلك كله ندري أنه جعله الله أسبابا لتلك الأشياء في تلك المواضع التي جاء النص بها فيها .
ولا توجب تلك الأسباب شيئا من تلك الأحكام في غير تلك المواضع البتة قال أبو محمد وهذا هو ديننا الذي ندين به وندعو عباد الله تعالى إليه ونقطع على أنه الحق عند الله تعالى .
فأما الحديث الذي ذكروا في السن أنه عظم فكل عظم ما عدا السن فالتذكية به جائزة لأن النبي A لم يكن عاجزا عما قدر عليه هؤلاء المتخرضون ولو كانت الذكاة بالعظام حراما لما اقتصر A على ذكر السن وحده ولما رضي بهذا العي من ذكر شيء