صحيح السند متصل وهو الحق عندنا لا ما عداه وما جاء قط نص صحيح بخلاف الإجماع فإن قال سوفسطائي فقد جاء نص بخلاف نص قلنا نعم ينسخ له وهو نص على كل حال ولم نذكر لكم قياسا خلاف قياسا وإنما قلنا بأنه قد وجد إجماع على ترك جميع وجوه القياس وورود نص مخالف لجميع وجوه القياس وهكذا هي جميع الشرائع ككون الظهر أربعا والصبح ركعتين والمغرب ثلاثا وكصوم رمضان دون شعبان وكالحدث من أسفل فيغسل له الأنواع وكأنواع الزكاة وسائر الشرائع كلها وليس أحد من القائلين بالقياس إلا وقد تركه في أكثر مسائله وسنبين من هذا إن شاء الله تعالى في آخر هذا الباب طرفا يدل على المراد .
وأما من براهين العقول فإنه يقال لهم أخبرونا أو شيء هو القياس الذي تحكمون به في دين الله تعالى .
فإن قالوا لا ندري أو تلجلجوا فلم يأتوا فيه بحد حاصر أقروا بأنهم قائلون بما لا يدرون ومن قال بما لا يدري فهو قائل بالباطل وعاص لله D إذ يقول { قل إنما حرم ربي لفواحش ما ظهر منها وما بطن ولإثم ولبغي بغير لحق وأن تشركوا بلله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على لله ما لا تعلمون } مع الرضا لنفسه بهذه الصفة الخسيسة التي لا تكون إلا في النوكي وإن قالوا حكم جامع بين شيئين بعلة يستخرجه أو قالوا بكثرة التشابه كانوا قائلين بما لا دليل على صحته وبما لم يقل به قط صاحب ولا تابع وإن قالوا بما يقع في النفس كانوا شارعين بالظن وفي هذا ما فيه .
وقد أقروا كلهم بلا خلاف منهم أنه جائز أن توجد الشريعة كلها أولها عن آخرها نصا وأقروا كلهم بلا خلاف من أحد منهم أنه لا يجوز أن توجد الشريعة كلها قياسا البتة ومن البراهين الضرورية عند كل ذي حس وعقل أن ما لزم الكل لزم البعض فالشرائع كلها لا يمكن البتة ولا يجوز أن توجد قياسا من أحد فبعضها لا يجوز أن يوجد قياسا وليس هذا قياسا ولكنه برهان ضروري كقول القائل إن كان الناس كلهم أحياء ناطقين فكل واحد منهم حي ناطق ولا يموه مموه فيقول بعض الناس أعور وليس كلهم أعور فليس هذا مما ألزمناهم في صفة لكن كل الناس ممكن أن يوجدوا عورا وليس ذلك بممتنع في البقية