من الشريعة أم لا فإن قالوا لا كلمناهم بما قد فرغنا منه آنفا وكانوا خارجين عن مذهبهم أيضا وإن قالوا نعم وهو قولهم .
قلنا لهم من أين جوزتم أن يخبر عن النبي A به وأن يشرع به في دين الله D شريعة تضاف إليه في الصلاة والزكاة والصوم والحج وغير ذلك في الموضع الذي أجزيتموه فيه ثم منعتم من قوله حيث هو بزعمك زائد على ما في القرآن أو ناسخ له فلا سبيل إلى فرق أصلا وأما قولهم مخالف الأصول فكلام فاسد فارغ من المعنى واقع على ما لا يعقل لأن خبر الواحد الثقة المسند أصل من أصول الدين وليس سائر الأصول أولى بالقبول منه ولا يجوز أن تتنافى أصول الدين حاشا لله من هذا .
ثم نقول اعلموا أن كل خبر روي عن رسول الله A رواية صحيحة مسندة فإنه ولا بد زائد حكم على ما في القرآن أو أتي بما في نص القرآن لا بد من أحد الوجهين فيه .
والزائد حكما على ما في القرآن ينقسم قسمين إما جاء بما لم يذكر في القرآن كغسل الرجلين في الوضوء وكرجم المحصن ونحو ما أخذوا به من إباحة صوم رمضان للمسافر ومن إيجاب الوضوء من القهقهة في الصلاة ومن الوضوء بالنبيذ ومن القلس والقيء والرعاف وكتخصيص ظاهر القرآن كعدد ما لا يقطع السارق في أقل منه وما لا يحرم من الرضاع أقل منه فهذا أيضا زائد حكم على ما في القرآن ومثله ما بين مجمل القرآن كصفة الصلاة وصفة الزكاة وسائر ما جاءت به السنن فهو زائد حكم على ما في القرآن .
فمن أين جوزتم أخذ الزائد على ما في القرآن كما ذكرنا حيث اشتهيتم ومنعتم منه حيث اشتهيتم وهذا ضلال لا خفاء به وكل ما وجب العمل به في الشريعة فهو واجب أبدا في كل حال وفي كل موضع إلا أن يأتي نص قرآني أو سنة بالمنع من بعض ذلك فيوقف عنده وأما بالآراء المضلة والأهواء السخيفة فلا على أنهم آخذ الناس بخلاف القرآن برأي فاسد أو قياس سخيف أو خبر ساقط كالوضوء من القهقهة وسائر تلك الأخبار الفاسدة وتأملوا ما نقول لكم قد أجمعوا معنا على قبول ما جاء به رسول الله A من نسخ للقرآن أو زيادة عليه واتفقوا معنا على أن خبر الواحد الثقة عن مثله مسندا حجة في الدين ثم تناقضوا كما ذكرنا بلا برهان ونعوذ بالله من الخذلان وقد ثبت عن أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد وداود Bهم وجوب القول بخبر