متكئون معه في المسجد فقلت له إن خالد بن الوليد يقرأ عليك السلام ويقول لك إن الناس انتهكوا في الخمر وتحاقروا العقوبة فما ترى فقال عمر هم هؤلاء عندك قال فقال علي أراه إذا سكر هذى وإذا هذى افترى وعلى المفتري ثمانون فأجمعوا على ذلك .
فقال عمر بلغ صاحبك ما قالوا فضرب خالد ثمانين وضرب عمر ثمانين .
قال وكان عمر إذا أتي بالرجل القوي المنهمك في الشراب ضربه ثمانين وإذا أتي بالرجل الذي كان منه زلة الضعيف ضربه أربعين وفعل ذلك عثمان أربعين وثمانين .
قال أبو محمد فهذا كل ما ورد في ذلك قد تقصيناه وكله ساقط لا حجة فيه مضطرب ينقض بعضه بعضا .
أما الآثار التي صدرنا بها من طريق الثقات أيوب ومالك والشعبي ومحارب بن دثار فمرسلات كلها لا يدري عمن هي في أصلها فسقط الاحتجاج بها .
وأما المتصلان فمن طريق يحيى بن فليح بن سليمان وهو مجهول البتة والحجة لا تقوم بمجهول وأبو فليج متكلم فيه مضعف والثاني عن أسامة بن زيد وهو ضعيف بالجملة فسقط كل ما في هذا الباب مع أنه لو صح هذان الأثران المتصلان لكان حجة عليهم قاطعة لأن في رواية يحيى بن فليح أن أبا بكر فرض الحد في الخمر أربعين فلو جاز لعمر أن يزيد على ما فرض أبو بكر لمن بعد عمر أن يزيد ويحيل الحد الذي فرض عمر أو يسقط منه ولا فرق فإن لم يكن فرض أبي بكر بحضرة جميع الصحابة حجة وعمر وغيره بالحضرة وفي أقل من هذا يزعمون أنه إجماع ففرض عمر وقد مات كثير من الصحابة قبل ذلك الفرض أحرى ألا يكون حجة وهذا على أقوالهم إجازة لمخالفة .
وفي هذا ما فيه وأن من يرى ما في هذا الخبر من فعل أبي بكر بحضرة الصحابة إجماعا ثم يرى رسالة مكذوبة من عمر إلى الأشعري إجماع لمنحرف عن الحق .
وأما الذي من طريق أسامة بن زيد ففيه بيان جلي على أن عمر لم يجعل ذلك فرضا واجبا وأنه إنما كان منه تعزيرا وذلك أنه ذكر فيه إذا أتي بالمنهمك في الشراب جلده ثمانين جلدة وإذا أتي بالذي كانت منه في ذلك زلة الضعيف جلده أربعين وأن عثمان أيضا جلد أربعين وثمانين فباليقين يعلم كل ذي عقل أنه لو كانت الثمانون فرضا لما جاز أن يحال في بعض الأوقات فسقط احتجاجهم بالجملة وعاد عليهم مسقطا لقولهم