واحتجوا بقيم المتلفات ومهر المثل ومقدار المتعة والنفقات وإن كل ذلك لا نص فيه قالوا فوجب الرجوع إلى القياس .
قال أبو محمد وهذا لا حجة لهم فيه البتة ولا للقياس هنا مدخل أصلا لأنه ليس ههنا شيء آخر منصوص عليه يقيسون عليه هذه الأشياء وهذا هو القياس عندهم فبطل تمويههم إن هذا القياس وما هو إلا نص جلي لا داخلة فيه وهو قول الله تعالى { لشهر لحرام بلشهر لحرام ولحرمات قصاص فمن عتدى عليكم فعتدوا عليه بمثل ما عتدى عليكم وتقوا لله وعلموا أن لله مع لمتقين } فهل في البيان أكثر من هذا وهل هذا إلا نص على كل قصة وجب فيها ضمان المثل .
فأي معنى للقياس فيمن أتلف الآخر ثوبا قيمته دينار فقضى عليه بثوب مثله فإن لم يوجد فمثله من القيمة في سوق البلد الذي وقع فيه الغصب أو الذي وقع فيه الحكم .
وكذلك امرأة وجب لها مهر مثلها بالنص فعلم مقدار ما تطيب به نفس مثلها في المعهود الذي أحالنا الله تعالى عليه على لسان نبيه A .
وكذلك نص الرسول A على أن للأزواج والأقارب والمماليك النفقة والكسوة بالمعروف وساوى في ذلك بين الأقارب وبين من ذكرنا وأحالنا على المعروف والمعروف هو غير المنكر فهو ما تعارفه الناس في نفقات من ذكرنا وما فيه مصالحهم من كسوة معروفة لأمثالهم وإسكان وغير ذلك مما لا قوم للمعاش إلا به مما لا جوع فيه ولا عري ولا عطش ولا برد ولا شهرة ولا اتضاع ولا إسراف ولا تبذير ولا تقصير ولا تقتير فهذا هو المنكر وضده هو المعروف فأين القياس ههنا وعلى أي شيء قاسوا ما ذكرنا فإذ ليس ههنا شيء يقاس عليه ما ذكرنا البتة فقد بطل أن يكون قياسا وبطل تمويههم في ذلك .
واحتجوا أيضا بأروش الجراحات والجنايات والديات .
قال أبو محمد وهذا في التمويه كالذي قبله وقولنا في ذلك إن كل ما أوجبه من ذلك نص وقف عنده وما لم يوجبه نص فهو ساقط لا يقضى به للنص الوارد إن دماءنا وأموالنا علينا حرام وما تيقن أنه أجمع عليه واختلف في مقداره وجب من ذلك أقل ما قيل فقط وما عدا ذلك فتحكم في الدين لا يحل .
وأي شيء في معرفة مقدار شبع الناس في الجمهور في أقواتهم في ذلك البلد مما يكون