وإنما سقط ذلك عمن ليس في قوته فهم الإسناد ومعرفته فقط وقد قال الزهري لأهل الشام ما لي أرى أحاديثكم لا خطم لها ولا أزمة فصاروا حينئذ إلى قوله وغير الزهري أيضا كثير .
فصح بهذا إجماع الأمة كلها على قبول خبر الواحد الثقة عن النبي A وأيضا فإن جميع أهل الإسلام كانوا على قبول خبر الواحد الثقة عن النبي A يجزي على ذلك كل فرقة في علمها كأهل السنة والخوارج والشيعة والقدرية حتى حدث متكلمو المعتزلة بعد المائة من التاريخ فخالفوا الإجماع في ذلك ولقد كان عمرو بن عبيد يتدين بما يروي عن الحسن ويفتي به هذا أمر لا يجهله من له أقل علم .
وبرهان آخر وهو أنه عدد محصور فالتواطؤ جائز عليهم وممكن منهم ولا خلاف بين كل ذي علم بشيء من أخبار الدنيا مؤمنهم وكافرهم أن النبي A كان بالمدينة وأصحابه Bهم مشاغيل في المعاش وتعذر القوت عليهم لجهد العيش بالحجاز وأنه عليه السلام كان يفتي بالفتيا ويحكم بحضرة من حضره من أصحابه فقط وإن الحجة إنما قامت على سائر من لم يحضره عليه السلام بنقل من حضره وهم واحد واثنان وفي الجملة عدد لا يمتنع من مثلهم بالتواطؤ عند خصومنا فإذ جميع الشرائع إلا الأقل منها راجعة إلى هذه الصفة من النقل وقد صح الإجماع من الصدر الأول كلهم نعم وممن بعدهم على قبول خبر الواحد لأنها كلها راجعة إليه وإلى ما كان في معناه وهذا برهان ضروري وبالله تعالى التوفيق .
وبالضرورة نعلم أن النبي A لم يكن إذا أفتى بالفتيا أو إذا حكم بالحكم يجمع لذلك جميع من بالمدينة هذا ما لا شك فيه لكنه عليه السلام كان يقتصر على من بحضرته ويرى أن الحجة بمن يحضره قائما على من غاب هذا ما لا يقدر على دفعه ذو حس سليم وبالله تعالى التوفيق .
قال علي وأقوى ما شغب به من أنكر قبول خبر الواحد أن نزع بقول الله تعالى { ولا تقف ما ليس لك به علم إن لسمع ولبصر ولفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا } .
قال أبو محمد وهذه الآية حجة لنا عليهم في هذه المسألة لأنا لم نقف ما ليس لنا به علم بل ما قد صح لنا به العلم وقام البرهان على وجوب قبوله وصح العلم بلزوم اتباعه والعمل به فسقط اعتراضهم بهذه الآية والحمد لله رب العالمين