وبعثه هؤلاء المذكورين مشهورة بنقل التواتر من كافر ومؤمن لا يشك فيها أحد من العلماء ولا من المسلمين ولا في أن بعثهم إنما كانت لما ذكرنا من المحال الباطل الممتنع أن يبعث إليهم رسول الله A من لا تقوم عليهم الحجة بتبليغه ومن لا يلزمهم قبول ما علموهم من القرآن وأحكام الدين .
وما أفتوهم به في الشريعة ومن لا يجب عليهم الانقياد لما أخبروهم به من كل ذلك عن رسول الله A إذ لو كان ذلك لكانت بعثته لهم فضولا ولكان عليه السلام قائلا للمسلمين بعثت إليكم من لا يجب عليكم أن تقبلوا منه ما بلغكم عني ومن حكمكم ألا تلتفتوا إلى ما نقل إليكم عني وألا تسمعوا منه ما أخبركم به عني ومن قال بهذا فقد فارق الإسلام .
وكذلك من نشأ في قرية أو مدينة ليس بها إلا مقرىء واحد أو محدث واحد أو مفت واحد فنقول لمن خالفنا ماذا تقولون أيلزمه إذا قرأ القرآن على ذلك المقرىء أن يؤمن بما أقرأه وأن يصدق بأنه كلام الله تعالى ويثبت على ذلك أم عليه أن يشك ولا يصدق بأنه كلام الله D فإن قالوا يلزمه الإقرار بأنه كلام الله تعالى .
قلنا صدقتم فأي فرق بين نقلهم للقرآن وبين نقلهم لسائر السنن وكلاهما من عند الله تعالى وكلاهما فرض قبوله وإن قالوا عليه أن يشك فيه حتى يلقى الكواف أتوا بعظيمة في الدين .
ونسألهم حينئذ فيمن لقي من ذلك اثنين أو ثلاثة أو أربعة فلا بد لهم من حد يقفون عنده من العدد فيكون قولهم سخريا وباطلا ودعوى بلا برهان أو يحيلوا على معدوم فيما لا يصح على قولهم قبول القرآن والدين إلا به وفي هذا إبطال للدين والقرآن جملة والمنع من اعتمادهما ونعوذ بالله من هذا وهكذا القول في وجوب طاعة من أخذ عن أولئك الرسل قرآنا أو سنة وبلغ ذلك إلى غيره ولأنها بلاد واسعة لا سبيل لكل واحد من أولئك الرسل إلى لقاء جميعهم من رجل وامرأة لكن يبلغ ويبلغ من بلغه هو وهكذا أبدا لئلا يقول جاهل هذا خصوص لأولئك الرسل .
وقال تعالى { يأيها لذين آمنوا إن جآءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيببوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين }