وثانيها قولهم العتق في الكتابة مضاف إلى التعليق فإن الكتابة الصحيحة اشتملت على تعليق ومعاوضة ولا بد فيها من ذكر التعليق فنقول كاتبتك على ألف فإن أديت فأنت حر وفي الفاسدة لا بد من التعليق والتعليق لا فساد فيه وعلى هذا تمتنع المسائل التي لزمت من أحكام المعاوضات كقبول الفسخ ولزوم القيمة له واستتباع الاكساب والأولاد .
وهذا الجواب أمثل من الأول إلا أن لقائل أن يقول العتق مضاف إلى المعاوضة لا إلى التعليق قولكم يشترط أن ينص على التعليق قلنا لا نسلم بل لو نواه بقوله كاتبتك على كذا صحت الكتابة أيضا وهذا واضح وأبلغ منه قول مخرج من التدبير أن لفظ الكتابة صريح مغن عن التصريح بالتعليق ونيته ونظيره قول إلى اسحاق إن كان الرجل فقيها صحت الكتابة والأفد به من التعليق أو نيته ثم كيف يشترط التنصيص على التعليق والعتق عند الأداء يحصل لا محالة بعقد المعاوضة وتسليم العوض يقتضي تسليم ما يقابله فلا يحتاج أن يشترطه في العقد ويصير بمثابة البيع لما اقتضى بنفسه الملك لم يحتج إلى أن يقول بعتك على أن تتسلم أو تتملك .
وأما المسائل فلا منع فيها وإنما منع أصحابنا استتباع الكسب والولد فحسب وأما الفسخ فغير ممتنع وقيمة نفسه واجبة وذلك من أحكام العوض دون التعليق .
وثالثهما قول بعضهم الكتابة في الأصل خارجة عن القياس فألحقنا فاسدها بصحيحها لأن ما ثبت على خلاف القياس لا يقاس عليه بخلاف البيع وهذا كلام رديء فإن إلحاق فاسدها بصحيحها عين القياس ثم إنها وإن عدل بها عن القياس إلا أنه بعد ورود الشرع بها وصفت بالصحة فينبغي وصف فاسدها بالفساد وإذا ثبت فسادها والفاسد عند الشافعي مرادف للباطل وجب إلغاؤها وأن يكون لها حكم ألا ترى أن السلم والإجارة ثبتا على خلاف القياس لورودهما على معدوم ثم لما ثبت الصحيح منهما ونعت بالصحة يؤدي على الفاسد بالفساد حتى لا يثبت لفاسد كل منهما ما لصحيحه .
والحق عندنا في الجواب رأي رابع فنقول الكتابة عقد إرفاق لا يقصد بها غير العتق وأن يخلص العبد من الرق فألفينا مضى الفساد ولم ننظر إليه