وعلى هذا التقدير لا ينفي في التمسك بالاجماع فائدة إذ يستغنى بحصول دليل الإجماع عن الإجماع وجوابه منع كون جميع ما كان شرطا في المعطوف عليه شرطا في المعطوف والعطف إنما يقتضي التشريك في بعض الأحكام دون بعض .
ولو سلمنا أن الشرط في المعطوف عليه شرط في المعطوف لم يضر لأن الهدى المشروط في حصول الوعيد عند مشاقة الرسول هو الدليل الدال على التوحيد والنبوة لأدلة الأحكام الفرعية وإن لم يشترط تبين دلائل المسائل الفرعية في لحوق الوعيد على مشاقة الرسول لم يشترط في لحوقه على اتباع غير سبيل المؤمنين وإلا لم تكن الجملة الثانية مشروطة بما شرط في الأولى بل بشرط لم يدل عليه الدليل أصلا .
الوجه الثالث سلمنا حرمة المخالفة في الجملة لكن لا نسلم أن قوله ويتبع غير سبيل المؤمنين يوجب تحريم جمع ما غاير سبيلهم بل يوجب حرمة البعض ودليل ذلك أن كلا من لفظ غير ولفظ سبيل مفرد لا عموم له ولا يلزم حرمة بعض ما يغاير سبيلهم حجية الإجماع لجواز أن يكون ذلك البعض هو الإيمان وشبهه مما لا خلاف في حرمة المخالفة فيه .
الجواب إنهما يقتضيان العموم لما فيهما من الإضافة وقد تقرر أن المفرد المضاف يعم ويدل عليه هنا صحة الاستثناء فتقول الا سبيل كذا وجواز الاستثناء من لوازم العام كذا قرروه ولكن أن تنازع في عموم غير وأمثالها كبعض وجزء إذا أضفن مع تسليم أن المفرد المضاف يعم وذلك لأن إضافة غير ليست للتعريف وقد يقال إن العموم تابع للتعريف ويبعد كل البعد أن يفهم من قول القائل أخذت جزء المال أو بعضه انه أخذ جميعه بل يقال أو أخذه المال جميعه يكون مناقضا لهذا اللفظ لأن الجزء أو البعض صريحان في خلافه وللبحث فيما نبهنا عليه محال .
وقد أجاب الإمام بجوابين آخرين .
أحدهما أنه لو حملنا الآية على سبيل واحد وهو غير مذكور في الآية صارت