إنه تارك الصلاة لأجل تلبسه بضدها مختارا له أولا لا يقال ذلك لعدم قصده لها فأشبه من لا ينسب إليه فعل هذا محل نظر فإن أطلقنا عليه اسم التارك فلا بد من القيد المذكور وإلا فلا حاجة إليه وهو الأولى لأن قولنا الواجب ما يذم على تركه معناه على تركه حين كونه واجبا والناس حين نسيانه لم يكن الفعل واجبا عليه فتركه الذي لم يذم عليه والوجوب لم يجتمعا في زمن واحد ولذلك أن القاضي أبو بكر وغيره من الأئمة لم يذكروا هذا القيد .
وقوله مطلقا متعلق أيضا بتاركه وهو قيد في الفصل زائد في المحدود كما أشرنا إليه من قبل وأن مقتضاه الإدخال لا الإخراج وقصد به إدخال الواجب الموسع والمخير وفرض الكفاية فإن كلا منها قد يتركه قصدا تركا مقيدا فلا يذم كما إذا ترك الموسع في أول الوقت وفعله في آخره وترك خصلة من خصال المخير وفعل الأخرى وترك فرض الكفاية وقام به غيره لا يأثم في الصور الثلاث وإنما يأثم في الموسع إذا ترك هو لا غيره فإنه يصح حينئذ إطلاق الترك عليه والنوع الرابع من أنواع الواجبات وهو الواجب المضيق إطلاق الترك صادق عليه حيث ترك فلا قيد فشمل كلامه الواجبات الأربعة وهذا القيد وهو قوله مطلقا قاله صاحب الحاصل وحذف قول الأصحاب على بعض الوجوه لأن به يستغنى عنه وهم يجعلون على بعض الوجوه متعلقا بذم وفائدة هذا الرسم أنه إذا لم يرد من الشارع طلب لفعل ولكن ورد ذمه أو ذم فاعله لأجله استدللنا بذلك على وجوبه والذم معروف لغة وعرفا فلا حاجة إلى تفسيره والمعتزلة فسروه بأنه قول أو فعل أو ترك قول أو ترك فعل ينبني على إيضاح حال الفاعل ولأصحابنا معهم مشاححات متكلفة وأورد في المحصول أنه يدخل في هذا التحديد السنة فإن الفقهاء قالوا إن أهل محلة إذا اتفقوا على ترك سنة الفجر بالإصرار فإنهم يحاربون بالسلاح وهذا الذي قاله في سنة الفجر لم أر من الفقهاء ولا من غيرهم من قاله غيره وإنما قالوه في الأذان والجماعة ونحوهما من الشعائر الظاهرة ومع ذلك الصحيح عندهم إذا قلنا بسنتيها إنهم لا يقاتلون