الثاني انه ورد للتكرار شرعا مثل قوله تعالى أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة و كتب عليكم الصيام وعرفا مثل قول القائل لغيره احفظ دابتي واحسن إلى الناس وورد للمرة شرعا كآية الحج والعمرة وعرفا مثل ادخل الدار وقول السيد لعبده اشتر اللحم فحينئذ أما ان يكون حقيقة فيهما فيلزم الاشتراك أو في أحدهما فيلزم المجاز والمجاز والاشتراك على خلاف الأصل فيكون للقدر المشترك بينهما وهو طلب الإتيان بالمأمور وذلك اعم من ان يكون في المرة الواحدة أو المرات وحينئذ لا يدل على أحدهما بخصوصه الا بقرينة .
وهذا الدليل قد استعملوه في مواضع عديدة وبعض المتأخرين من الاصوليين كالنقشواني وغيره قد ضعفوه فقالوا إذا كان موضوعا للقدر المشترك الذي هو مطلق الطلب ثم استعمل في طلب خاص فقد استعمل في غير ما وضع له لان الأعم مغاير للأخص لكنه مشتمل على ما وضع له فيجوز مجازا وأيضا فان الالفاظ موضوعة بازاء المعاني الذهنية على رأي الإمام واتباعه فإذا استعمل فيما تشخص منهما في الخارج يكون مجازا لأنه غير ما وضع له فتقرر ان استعمال الامر في المقيد بالتكرار وبالمرة مجاز لما قلناه وهذا بحث صحيح مطرد في كل اعم استعمل في أخص وبعضهم يفصل فيه فيقول ان استعمل فيه باعتبار ما فيه من القدر الأعم فهو حقيقة وان استعمل فيه اعتبار خصوصه فهو مجاز وهذا التفصيل لا حاجة إليه لأنه إذا استعمل فيه باعتبار ما فيه من القدر الأعم لا يخرج عن كونه استعمل العام في الخاص وقوله باعتبار سبب في الاستعمال فهو كاستعمال الأسد الشجاع باعتبار الشجاعة وان أراد بقوله باعتبار انه لم يستعمل الا في الأعم فذلك إحالة لفرض المسألة لان فرض المسألة انه استعمل في الأخص .
الثالث وهو دليل على ضعف القول بالتكرار لأنه لو كان مقتضيا للتكرار نعم جميع الأوقات حتى يجب فعل المأمور به فيها وذلك لعدم أولوية وقت دون وقت لكنه لا يعم جميع الأوقات لوجهين