الدليل إنما يفيد العلم بالمدلول إذا نظر فيه على سبيل التفصيل والأصولي لم ينظر فيه كذلك فلم يحصل له الفقه لانتفاء شرط نظره لا لانتفاء كون المنظور فيه دليلا في نفسه وهذا جواب حسن مصحح لمعرفة الأدلة وإن كان جعله للأدلة صحيحا أيضا باعتبار أن للأدلة نسبتين كما قدمنا فهي باعتبار إحدى النسبتين غيرها باعتبار الأخرى هذا كله في تعريف المعنى اللقبي إذا قطعنا النظر عن أجزاء اللفظ وكذلك إذا لاحظناها مع التخصيص الذي أشرنا إليه فيما سبق فإن التعريف يحصل بما ذكره أيضا وليس من شرط الحد أن يكون بأجزاء محمولة كما ظنه بعضهم بل بأجزاء داخلة في الحقيقة وأجزاء المحدود هنا وهي المعارف الثلاث كذلك والمعرفة جنس الأصول وما أضيف إليه من الأدلة والكيفيتين فصول تقديره معرفة متعلقة بالأدلة والكيفيتين فالمتعلقة فصل وإنما جعلناه فصلا لأن التعلق داخل في ذات العلم فإن جعلته خارجا كان خاصة وكان التعريف رسما تاما .
البحث الثالث .
في الفرق بين المعاني الثلاثة وتعريفاتها وما بينها من النسب .
أما المعنى الأول وهو معنى أصول الفقه قبل التسمية فهو أعم مطلقا من الثاني والثالث اللذين هما بعد التسمية وتعريفه أعم من تعريفهما ولا يحصل به تعريف هذا العلم كما سبق وإطلاقه عليه إطلاق الأعم على الأخص ولم يذكر المصنف ولا غيره ممن أراد تحديد علم أصول الفقه ذلك إلا على سبيل التقدمة كما فعله الإمام فإنه ذكر المفردات ثم ذكر تعريف أصول الفقه بعد مسمى به ولذلك أخذ فيه قيد الإجمال ولو راعى مدلوله قبل التسمية لم يأخذ فيه قيد الإجمال وأما معناه اللقبي ومعناه الإضافي بعد التسمية إذا لوحظت أجزاء لفظه فهما سواء وتعريفهما سواء فسرنا الأصول بالأدلة أم بالمحتاج إليه فيصح على كل من التقديرين هذا أن نجعل أصول الفقه اسما للأدلة وهي محتاج إليها فيتحد المعنى اللقبي والإضافي أما الإضافي فظاهر وأما اللقبي فلتسمية الأدلة بذلك ويصح أن نجعله اسما للمعرفة فيتحدان أيضا أما اللقبي فظاهر وأما الإضافي فظاهر إن جعلنا الأصل المحتاج إليه وإن جعلناه الدليل فنكون قد سمينا به العلم بالدليل من باب تسمية العلم باسم المعلوم