المسألة السادسة عشرة : الخطاب الخاص بواحد من الأمة أن صرح بالاختصاص به .
كما في قوله صضص [ تجزئك ولا تجزئ أحدا بعد ] فلا شك في اختصاصه بذلك المخاطب وإن لم يصرح فيه بالاختصاص بذلك المخاطب فذهب الجمهور إلى أنه مختص بذلك المخاطب ولا يتناول غيره إلا بدليل من خارج وقال بعض الحنابلة وبعض الشافعية أنه يعم بدليل ما روى من قوله صضص [ حكمي على الواحد حكمي على الجماعة ] وما روى عنه صضص [ إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة ] ونحو ذلك ولا يخفى أن الاستدلال بهذا خارج عن محل النزاع فإنه لا خلاف أنه إذا دل دليل من خارج على أن حكم غير ذلك المخاطب كحكمه كان له حكمه بذلك الدليل وإنما النزاع في نفس تلك الصيغة الخاصة هل تعم بمجردها أم لا فمن قال إنها تعمها بلفظها فقد جاء بما لا تفيده لغة العرب ولا تقتضيه بوجه من الوجوه قال القاضي أبو بكر هو عام بالشرع لا بالوضع للقطع باختصاصه به لغة قال إمام الحرمين الجويني لا ينبغي أن يكون في هذه المسألة خلاف إذ لا شك أن الخطاب خاص لغة بذلك الواحد ولا خلاف أنه عام بحسب العرف الشرعي وقيل بل الخلاف معنوي لا لفظي لأنا نقول الأصل ما هو هل هو مورده الشرعي أو مقتضى اللغة قال الصفي الهندي لا نسلم أن الخطاب عام في العرف الشرعي قال الزركشي والحق أن التعميم منتف لغة ثابت شرعا والخلاف في أن للعادة هل تقتضي بالاشتراك بحيث يتبادر فهم أهل العرب إليها أولا فأصحابنا يعنى الشافعية يقولون لا قضاء للعادة في ذلك كما لا قضاء للغة والخصم يقول إنها تقتضي بذلك انتهى والحاصل في هذه المسألة على ما يقتضيه الحق ويوجبه الإنصاف عدم التناول لغير المخاطب من حيث الصيغة بل بالدليل الخارجي وقد ثبت عن الصحابة فمن بعدهم الاستدلال بأقضيته صضص الخاصة بالواحد أو الجماعة المخصوصة على ثبوت مثل ذلك لسائر الأمة فكان هذا مع الأدلة الدالة على عموم الرسالة وعلى استواء أقدام هذه الأمة في الأحكام الشرعية مفيدا لإلحاق غير ذلك المخاطب به في ذلك الحكم عند الإطلاق إلى أن يقوم الدليل الدال على اختصاصه بذلك فعرفت بهذا أن الراجح التعميم حتى يقوم دليل التخصيص لا كما قيل أن الراجح التخصيص حتى يقوم دليل التعميم لأنه قد قام كما ذكرناه