المسألة الثانية : في الترادف .
هو توالي الألفاظ المفردة الدالة على مسمى واحد باعتبار معنى واحد فيخرج عن هذه الأدلة اللفظين على مسمى واحد لا باعتبار واحد بل باعتبار صفتين كالصارم والمهند أو باعتبار الصفة وصفة الصفة كالفصيح والناطق .
والفرق بين الأسماء المترادفة والأسماء المؤكدة أن المترادفة تفيد فائدة واحدة من غير تفاوت أصلا وأما المؤكدة فإن الاسم الذي وقع به التأكيد يفيد تقوية المؤكد أو رفع توهم التجوز أو السهو أو عدم الشمول وقد ذهب الجمهور إلى إثبات الترادف في اللغة العربية وهو الحق وسببه إما تعدد الوضع أو توسيع دائرة التعبير وتكثير وسائله وهو المسمى عند أهل هذا الشأن بالافتنان أو تسهيل مجال النظم والنثر وأنواع البديع فإنه قد يحصل أحد اللفظين المترادفين للقافية أو السجعة دون الآخر وقد يحصل التجنيس والتقابل والمطابقة ونحو ذلك هذا دون هذا وبهذا يندفع ما قاله المانعون لوقوع الترادف في اللغة من أنه لو وقع لعري عن الفائدة لكفاية أحدهما فيكون الثاني من باب العبث ويندفع أيضا ما قالوه من أنه يكون من تحصيل الحاصل ولم يأتوا بحجة مقبولة في مقابلة ما هو معلوم بالضرورة من وقوع الترادف في لغة العرب مثل الأسد والليث والحنطة والقمح والجلوس والقعود وهذا كثير جدا وإنكاره مباهتة وقولهم أن ما يظن أنه من الترادف هو من اختلاف الذات والصفة كالإنسان والبشر أو الصفات كالخمر لتغطية العقل والعقار لعقره أو لمعاقرته أو اختلاف الحالة السابقة كالقعود من القيام والجلوس من الاضطجاع تكلف ظاهر وتعسف بحت وهو وإن أمكن تكلف مثله في بعض المواد المترادفة فإنه لا يمكن في أكثرها يعلم هذا كل عالم بلغة العرب فالعجب من نسبة المنع من الوقوع إلى مثل ثعلب وابن فارس مع توسعهما في هذا العلم