الفصل التاسع اختلفوا هل الأمر بالشيء أو بذلك الشيء أم لا .
اختلفوا هل الأمر بالشيء أو بذلك الشيء أم لا ؟ فذهب الجمهور إلى الثاني وذهب جماعة إلى الأول احتج الأولون بأنه لو كان الأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء لكان قول القائل لسيد العبد مر عبدك ببيع ثوبي تعديا على صاحب العبد بالتصرف في عبده بغير إذنه ولكان قول صاحب الثوب بعد ذلك للعبد لا تبعه مناقضا لقوله للسيد مر عبدك ببيع ثوبي لورود الأمر والنهي على فعل واحد وقال السبكي إن لزوم التعدي ممنوع لأن التعدي هو أمر عبد الغير بغير أمر سيده فإن أمره للعبد متوقف على أمر سيده وليس بشيء لأن النزاع في أن قوله مر عبدك الخ هل هو أمر للعبد ببيع الثوب أم لا لا في أن السيد إذا أمر عبده بموجب مر عبدك هل يتحقق عند ذلك أمر للعبد من قبل القائل مر عبدك يجعل السيد سفيرا أو وكيلا وأما استدلالهم بما ذكروه من المناقضة فقد أجيب عنه بأنه المراد هنا منعه من البيع بعد طلبه منه وهو نسخ لطلبه منه واحتج الآخرون بأوامر الله سبحانه لرسوله صضص بأن يأمرنا فإنا مأمورون بتلك الأوامر وكذلك أمر الملك لوزيره بأن أمر فلانا بكذا فإن الملك هو الآمر بذلك المأمور لا الوزير وأجيب بأنه فهم ذلك في الصورتين من قرينة أن المأمور أولا هو رسول ومبلغ عن الله وأن الوزير هو مبلغ عن الملك لا من لفظ الأمر المتعلق بالمأمور الأول ومحل النزاع هو هذا أما لو قال قل لفلان افعل كذا فالأول آمر والثاني مبلغ بلا نزاع كذا نقل عن السبكي وابن الحاجب واختار السعد التسوية بينهما والأول أولى قال في المحصول فلو قال زيد لعمرو كل ما أوجب عليك زيد فهو واجب عليك فالأمر بالأمر بالشيء أمر بذلك الشيء في هذه الصورة ولكنه بالحقيقة إنما جاء من قوله كل ما أوجب عليك فلانا فهو واجب أما لو لم يقل ذلك كما في قوله صضص : [ مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع ] فإن ذلك لا يقتضي الوجوب على الصبي انتهى وهذا الحديث ثابت في السنن ومما صلح مثالا لمحل النزاع ما ثبت في الصحيحين وغيرهما في قوله صضص لعمر وقد طلق ابنه عبد الله امرأته وهي حائض مرة فليراجعها وقيل إنه ليس بما يصلح مثالا لهذه المسألة لأنه قد صرح فيه بالأمر من الشارع بالمراجعة حيث قال فليراجعها بلام الأمر وإنما يكون مثالا لو قال مره بأن يراجعها والظاهر أنه من باب قل لفلان افعل كذا وقد تقدم الخلاف فيه