البحث السادس : إذا أدرك التابعي عصر الصحابة وهو من أهل الاجتهاد لم ينعقد إجماعهم إلا به .
كما حكاه جماعة منهم القاضي أبو الطيب الطبري والشيخ أبو إسحق الشيرازي وابن الصباغ وابن السمعاني وأبو الحسن السهيلي قال القاضي عبد الوهاب أنه الصحيح ونقله السرخسي من الحنفية عن أكثر أصحابهم قال ولهذا قال أبو حنيفة لا يثبت إجماع الصحابة في الأشعار لأن إبراهيم النخعي كان يكرهه وهو ممن أدرك عصر الصحابة فلا يثبت إجماعهم بدون قوله والوجه في هذا القول أن الصحابة عند إدراك بعض مجتهدي التابعين فيهم هم بعض الأمة لا كلها وقد سئل ابن عمر عن فريضة فقال اسألوا ابن جبير فإنه أعلم بها وكان أنس يسأل فيقول سلوا مولانا الحسن فإنه سمع وسمعنا وحفظ ونسينا وسئل ابن عباس عن دلج الولد فأشار إلى مسروق فلما بلغه جوابه تابعه عليه وقال جماعة إنه لا يعتبر المجتهد التابعي الذي أدرك عصر الصحابة في إجماعهم وهو مروي عن إسماعيل بن علية ونفاه القياس وحكاه الباجي عن ابن خواز منداد واختاره ابن برهان في الوجيز وقيل إن بلغ التابعي رتبة الاجتهاد في عصر الصحابة ثم وقعت حادثة فأجمعوا عليها وخالفهم لم ينعقد إجماعهم وإن أجمعوا قبل بلوغه رتبة الاجتهاد فمن اعتبر انقرض العصر اعتد بخلافه ومن لم يعتبره لم يعتد بخلافه وقال القفال إذا عاصرهم وهو غير مجتهد ثم اجتهد ففيه وجهان يعتبر ولا يعتبر قال بعضهم أنه إذا تقدم الصحابة على اجتهاد التابعي فهو محجوج بإجماعهم قطعا قال الآمدي القائلون بأنه لا ينعقد إجماعهم دونهم اختلفوا فمن لم يشترط انقراض العصر قال إن كان من أهل الاجتهاد قبل إجماع الصحابة لم ينعقد إجماعهم وإلا لم يعتد بخلافه قال وهذا مذهب الشافعي وأكثر المتكلمين وأصحاب أبي حنيفة وهي رواية عن أحمد ومن اشترط انقراض العصر قال لا ينعقد إجماع الصحابة به مع مخالفته وإن بلغ الاجتهاد حال انعقاد إجماعهم أو بعد ذلك في عصرهم قال وذهب قوم إلى أنه لا عبرة بمخالفته أصلا وهو مهب بعض المتكلمين وأحمد بن حنبل في الرواية الأخرى